فهل من نافر كأبي عبيدة يا أهل عمان ...
قبل يومين من الآن بالتحديد أنتشر خبر وفاة أحد الشباب من أبناء هذا الوطن الغالي في أفغانستان وقد تناقل هذا الخبر عبر المنتديات والرسائل ، أصابتني الدهشة كيف أن أحد الشباب الصغار لم يكمل العشرين عاما من عمره وصل إلى أفغانستان !! وجالت في رأسي مجموعة كبيرة من التساؤلات منها : كيف وصل ؟ هل كان ذلك بعلم ورضى والديه وأهله ؟ من كان وراء ايصاله إلى هناك وأقصد إلى معسكر " المجاهدين " ؟
بتتبع الموضوع وخلفياته توصلت إلى إجابة لأغلب تلك التساؤلات وطبعا لن أصرح بها فهي من خصوصيات المرحوم رحمة الله عليه وأسرته ، لكن ما يهمني ويجب ذكره والتنبيه به أن هنالك مجموعة من العمانيين جندوا أنفسهم لهدف واحد ويبذلون في سبيل تحقيقه الغالي والنفيس معتقدين بأنهم بتصرفهم ذلك يخدمون الدين !! يتمثل هدفهم هذا بالتغرير بالشباب صغار السن حديثي الخبرة في الحياة ممن لا يستطيعون تقدير الأمور بهدف غسل أدمغتهم وإعادة " فرمتتها " بحيث يمحى كل شيء فيها ولا يبقى فيها سوى كلمة " جهاد " طبعا ليس بمصطلحها الديني المتعارف عليه شرعاً بل وفق رغباتهم وأهوائهم وما يصفونه هم بأنه جهاد وفقاً لمنظورهم ، فالجهاد له تعريف خاص وله شروطه وأركانه وأوقاته وليس مقروناً بأرض معينة ليقال بأنه جهاد وأن يقاتل بها مجاهد ، ما يحصل حقيقة هو أن أولئك " المغررون " يدخلون على الشباب من مداخل معينة ليقنعونهم بترك كل ما في الحياة للذهاب للقتال لا غير ، موجهين إياهم أن ينسون نصيبهم من الدنيا فهل هذا ما قاله الشرع ؟ أولم تقل الآية " نعم قد اتفق مع ذلك لو كان ما يهدفون اليه جهاد حقيقي لا غير ، وبما أن الشيء بالشيء يذكر لا أنسى حينما وردني اتصال من أحد الأقرباء يطلب مساعدتي مستنجداً من أن ابنه أصبح كالمجنون ويعامل أخوته وأمه وأباه بقسوة وغلظة وأنهم لا يقدرون حتى أن يفتحوا التلفاز في المنزل وأنه لا يحفظ من الكلام سوى كلمة " جهاد " وأنه يتطاول على أخوته وأخواته بالضرب إذا ما لبسوا شيئا غير الدشداشه ؟؟!! تعجبت من كل ذلك ولكوني قريباً جداً من تلك العائلة فعلا توجهت إلى منزلهم وطلبت من الابن ذي ال19 عاماً والذي يدرس بكلية الطب بالجامعة أن نخرج بالسيارة وفعلا توجهنا إلى شاطئ البحر وبدأت بالحديث معه وتركته يتحدث ويقول كل يريد ومن ثم دخلنا في نقاش متشعب شائك وفاجئني بأن لدي نية لترك الدراسة و " أتحفني " بسيل من المفاجآت ، وبعد نقاش استمر ساعات استطعت ولله الحمد أن أبدأ في تغيير تلك الأفكار ، بعد عدت أيام رجعت له مرة أخرى وجدته فعلا اصبح رائعاً وعند سؤالي عن سبب تحوله المفاجئ ذلك ومن ملأ رأسه بكل تلك الأفكار أجابني بأنهم مجموعة من " المغررين " كانوا يتعقبون تحركاته بعد أن رأوا التزامه بأداء الصلوات بالمسجد حتى تحينوا الفرصة ذات يوم بعد صلاة المغرب واستمر الحال إلى أن استطاعوا ان يعملوا له " غسيل دماغ " على حد تعبيره بالحرف ، وأضاف بأنني خلال الفترة الماضية كنت غير واع بل لم أكن مدركاً ماذا كان يحصل حولي وكأنني قد نومت مغناطيسياً !! تصوروا ؟ ما هو ذلك الأسلوب العجيب وما هي تلك الكلمات التي يقولونها وما هو ذلك السحر اللفظي الذي يستخدمونه ؟ وأكد بأنهم فعلا يستهدفون صغار السن حتى طلبة المدارس من الممكن أن يغرروا بهم !! وفعلا كلامه صحيح ، فلو تفكرنا قليلا لماذا لا يأتي " المغررون " لي أو لك يا من أكملنا الخامسة والعشرين أو تعديناها ؟ لو كانت القضية التي يؤمنون بها حقاً موضوعية ومنصفة لكانوا أتوا إلينا وأقنعونا ! ولكن لأن حجتهم ضعيفة فهم يستهدفون الفئة المحدودة التفكير القليلة الخبرة وهي فئة المراهقين .
يجب التركيز إلى أننا بحاجة إلى كل قطرة عرق شاب عماني لأن تروي تراب هذا الوطن ، شبابنا هم الثروة الحقيقة التي يجب تركيز كل الجهود والطاقات لتنميتها والحفاظ عليها ، فكما أن أفغانستان وغيرها محتلة فنحن بلداننا أيضا مستهدفة اقتصاديا واستراتجيا على أقل تقدير ويجب أن نركز لا محالة على تسليح شبابنا بالعلم والمعرفة وصقل خبراتهم وأفكارهم والحفاظ عليهم وحمايتهم من مثل تلك العقول ، وعليه فإن مقالي هذا هو نداء إلى كل مواطن لأن يبادر إلى إبلاغ السلطات المختصة باسم كل من يعلم بأنهم من المغررين ويمتلك أدلة على ذلك ، وكذلك إلى الأهل يجب ألا نترك أبنائنا المراهقين دون رقابة بشكل مطلق وكذلك إذا ما أحسسنا بتغير في أفكارهم يجب البحث مباشرة عن أسباب ذلك التغير ، وكذلك يجب على تلك السلطات العمل بنية صادقة وبذل جهد أكبر لاجتثاث تلك العالة من مجتمعنا ، ويجب على الاعلام أن يسلط الضوء على ذلك التهديد ، ويجب على كل جهة سواء كانت مجتمعية أو رسمية التكاتف لمواجهة ذلك الخطر ، فعلا شبابنا في خطر ، وما يؤكد ذلك عنوان المقال والذي هو أصلاً جزء اقتطعته من رسالة وجهها المجاهدون – على حد تعبيرهم – من أفغانستان إلى أهل الشهيد وهو عبارة عن دعوه لشباب عُمان للمشاركة في عمليات افغانستان وهو ما يعكس عن نية حقيقية لاجتذاب شباب اكثر وأكثر وهو ما يجب التوقف عنده والتفكر فيه جيداً .
أخيرا يجب التنويه والتوضيح أنني لا أتحدث عن رجال الدين هنا ، بل العكس رجال الدين هم المصلح الأول في المجتمع وهم القدوة الرائعة للشباب ، كم هو رائع لو يقتدي الشباب ببعض رجال الدين لكانوا مبدعين .
سعود الفارسي
11/1/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق