وباء الفساد ينخر نخراً
يبدوا أن بعض الجهات او أن بعض الموظفين أو المسؤولين في تلك الجهات مايزالوا لا يفهمون الدرس من الأحداث الأخيرة أو مازالت تؤخذهم العزة بالإثم أو يعتقدون بأنهم فوق القانون وفوق المصلحة العامة للدولة ، وأن لديهم ظهراً وسنداً يستطيع أن يخرجهم من أي مأزق إذا ماوقعوا فيه ، قد يكون ذلك صحيحا لا ننكر ، وخصوصاً إذا علمنا أن الاعتداءات على أملاك الدولة والأموال العامة وصلت حداً منقطع النظير بل لم تصل تلك الاعتداءات قبل الاحداث الأخيرة إلى ماوصلت إليه اليوم رغم نداءات ووعود الأصلاح التي تنطلق من هنا وهناك !! ما رأيك عزيزي القاريء لو علمت أن هنالك أراضي منزوعة الملكية للمنفعة العامة منذ سنين طوال لتطوير المنطقة المنزوعة ملكيتها خدمة للمصلحة العامة وأن هنالك ملكيات جديدة استحدثت بعد تاريخ النزع بسنوات بل وأثناء قيام الجهات المختصة بالعمل على المشروعات في تلك المنطقة ، دعني أضرب لك مثالا .. تخيل مثلا تخيل .. أقول تخيل ولا اقول حقيقة ... تخيل .. تخيل أن هنالك احدى المناطق الاقتصادية المهمة جداً في السلطنة صدر مرسوم سلطاني بنزع الملكية للمصلحة العامة منذ العام 2006 مثلاً ، وفعلا تم تعويض المتضررين ، وأسندت الدولة إلى الشركات المتخصصة مناقصات العمل في تلك المنطقة ، لتكتشف الجهة المشرفة على المشروع بعد خمس سنوات أي في العام 2011 أن هنالك ملكيات صدرت !! في ذات الأرض التي هي محل المشروع والتي تم التعويض عنها منذ خمس سنين !! يأتي لتلك الجهة شخص يحمل سند ملكية صادر من وزارة الاسكان مستكملا كافة الاجراءات القانونية على حد تعبيره مطالبا الجهة التوقف عن العمل لان ذلك فيه تعدي على حدود ارضه وملكيته الصادرة في العام 2010 او 2011 !! نحن لا نلوم صاحب الملكية هنا خصوصا اذا علمنا من هو ، ولكن نلوم الجهات الرسمية الحكومية الادارية التي حصل من خلالها على ذلك السند !! أوليس لاستخراج سند ملكية يجب ان يتوجه الشخص إلى أكثر من جهة كوزارة الاسكان ووزارة الزراعة ووزارة البلديات!! كيف لتلك الجهات أن تمنح سندات ملكية على أراض منزوعة الملكية للمصلحة العامة الأمر الذي لا يجيزه قانونا ولا عقل ؟؟ بل الأعجب كيف تمنح أراضي زراعية أصلاً في مثل تلك المناطق الغير زراعة في الاساس ولم تكن في يوم من الأيام زراعية !! لو كان المنح في أراضي أخرى لقلنا لا بأس كان المنح بالخطأ ، لكن أن يتم المنح لأسماء كتلك وفي أماكن حساسة واستراتيجية بل ويعلم الكل الصغير قبل الكبير أنها منزوعة الملكية لتطويرها وإقامة مشاريع اقتصادية عملاقة فيها لمصلحة الوطن وصدر فيها مرسوم سلطاني هنا اسمحوا لي ألا أتفق مع ماقد يقال بأنه كان على سبيل الخطأ أو السهو أو حسن النية !! اسمحوا لي أن أقول بأن هذا فساد واضح جداً لا يختلف عليه اثنين ، وأن تتغاضى الجهات المختصة عن اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة حيال تلك الجهات والموظفين المتورطين في مثل تلك التصرفات لهو فساد أكبر وأعظم !! فغض الطرف عن مسائلة الفاسدين والمفسدين يشجع البقية للانخراط معهم في معاملات قد يشوبها الفساد بشكل أو بآخر ، وإذا ما استمر الوضع على ماهو عليه لا تتفاجئوا إذا جائكم أحدهم مستقبلا بما يثبت أنه يملك مطار مسقط الدولي أو أن يأتي إليك أنت عزيزي القاريء بما يثبت أنه يمتلك بيتك !! كم سمعنا عن منازعات أمام القضاء في اراضي صدرت فيها اكثر من ملكة لأكثر من شخص !! يجب على الجهات المختصة الضرب بيد من حديد على كل من يثبت تورطه بطريقة أو بأخرى والعمل على الوصول بكل الطرق المتاحة إلى رؤوس الفساد وتقديمهم للعدالة وايقاع اقسى العقوبات عليهم حتى يكونوا عبرة لمن لا يعتبر ، كما يجب البحث وراء أسباب تورط أولائك الموظفين في مثل تلك التصرفات وهل كان سببها الرشوة مثلا وذلك حتى نتمكن من الوصول الى المشجعين على الفساد من خارج الجهاز الاداري .
بعض وحدات الجهاز الإداري بالدولة تئن تيتوجع مما وصلت إليه من فساد ، ويجب على الدولة هنا أن تضع استراتيجية كاملة لمكافحة تلك الآفة التي تهدم كل مقدرات الدولة من أساسها حتى لا نصل ليوم نجد أنفسنا عاجزين امام مارد عملاق لا نعرف كيف نتصرف معه .
سعود الفارسي
27/3/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق