الشورى .. يفشل في أول اختبارات المصداقية !!
أخط هذا المقال وبداخلي غصة وحزن وألم لما قام به مجلس الشورى من رفض لطلب رفع الحصانة البرلمانية عن اثنين من اعضاءه بدعوى ضعف الأدلة !! كم كتبت وكتب غيري دفاعا عن المجلس وكم كتبت وكتب غيري دفعا للمجلس وكم كتبت وكتب غيري نصحا للمجلس وكيف أنه اليوم يقف في نقطة مفصلية ، نقطعة يكون بعدها أو لا يكون ، لكن يبدوا أنك قد ناديت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي ، فالمجلس وفي أول اختبار حقيقي لمصداقيته يفشل فشل ذريعا في اثبات تلك المصداقية على الأقل تجاه الشعب ، ليته وافق على رفع الحصانة عن العضوين وترك مسألة البحث في جدية تلك التهم وضعف الأدلة أو قوتها للسلطات القضائية في الدولة لتبحث فيها ومن ثم هي التي تقرر ، فإذا قررت ضعف الأدلة انتهى الموضوع وحفظ المجلس مصداقيته وماء وجهه ، وإذا ثبتت الإدانة في حقهما ارتفع سقف مصداقية المجلس عند الناس ومن ثم زادت الثقة وزاد الدعم والتأييد ، فلا اعلم كيف وماهي المعايير التي بنى عليها مجلس حديث الولادة قناعته في ضعف الأدلة في الوقت الذي لا يختلف منا نحن المواطنون اثنان على أن كثير من الأعضاء وصل عن طريق وسائل غير قانونية فمن منا لم يأته سمسار شراء أصوات وعرض عليه عشرين أو ثلاثين أو حتى خمسين ريالا مقابل الصوت !! بل والمصيبة العظمى أننا شاهدنا بأعيننا أشخاصا او مندوبين لبعض المرشحين أذا لم يكونوا المرشحين أنفسهم آنذاك يقفون أمام مراكز الاقتراع حاملين في احدى يديهم مغلف وفي يدهم الأخرى مصحف !! يشترون الأصوات مقابل القسم على المصحف انك سترشحهم ؟؟!! وبعد ذلك يقولون ضعف الأدلة والإدعاءات !! ، يبدوا أن الكثير من الأعضاء لا يعي إلى اليوم مامعنى الحصانة البرلمانية وما الحكمة من تقريرها ، فالدساتير عادة تضمن موادها نصوصا تقدم ضمانا لاستقلال أعضاء البرلمان وحماية لهم ضد أنواع التهديد والانتقام سواء من جانب السلطات الأخرى في المجتمع أم من جانب الأفراد بما تكن لهم الطمأنينة التامة والثقة الكاملة عند مباشرة أعمالهم ، هذه النصوص تعرف باسم الحصانة البرلمانية وهي نوعان : حصانة موضوعية وحصانة إجرائية ، والحصانة الموضوعية تعني الحصانة ضد المسئولية البرلمانية وهي امتياز دستوري مقرر لأعضاء البرلمان بصفاتهم لا بأشخاصهم سواء كانوا منتخبين أم معينين يتيح لهم أثناء قيامهم بواجباتهم البرلمانية حرية الرأي والتعبير دون أي مسئولية جنائية أو مدنية تترتب على ذلك ، فالحصانة على هذا النحو تعد بحق مبدأ من أقدس المبادئ الدستورية ،أما الحصانة الإجرائية فتعني عدم جواز اتخاذ أي إجراء جنائي ضد أي من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس بالجريمة إلا بإذن مسبق من المجلس النيابي الذي يتبعه ، وكما هو واضح ليس الهدف من هذه الحصانة حماية الأعضاء من نتائج الجرائم التي يرتكبونها قبل أو أثناء عضويتهم بالمجلس ، وإنما فقط أخذ موافقة المجلس على اتخاذ الإجراءات القانونية قبل الشروع فيها ، حيث أن الهدف منها هو إفساح المجال أمام العضو حتى يؤدي وظيفته النيابية دون خوف أو وجل حيث أن القبض عليه قد يحول بينه وبين المشاركة في إحدى جلسات المجلس الهامة .
وعليه وبما أن أسباب طلب رفع الحصانة عن العضوين لم تكن بسبب مباشرتهما لوظيفتهما البرلمانية أو لآراء صرحوا بها تحت قبة المجلس أو في إحدى لجانه بل كان متعلقا بكيفية وصولهم إلى عضوية المجلس فإن الحصانة المطلوب رفعها عنهما كانت تنحصر في الحصانة الإجرائية والتي كما قلنا لا يمكن أن يكون هدفها في أي حال من الأحوال حماية العضو البرلمان من نتاج الجريمة التي يرتكبها قبل أو أثناء عضويته بالمجلس وإنما فقط أخذ موافقة المجلس على اتخاذ الإجراءات القانونية قبل البدء فيها ، فكيف من المتصور أن تكون هنالك أدلة حقيقية أو كافية – على حسب تعبيرهم – دام أن السلطات المختصة كان لزاما عليها أخذ موافقة المجلس على رفع الحصانة حتى تتمكن من البدء في جمع الاستدلالات والبحث والتحري ؟؟!! شخصياً كنت أتوقع أن يكون قرار المجلس بالرفض لسبب بسيط جدا وهو كما يقولون باللهجة العامية " اليوم غيري ... باكر أنا " لذلك نلاحظ الآن ونسمع الكثير من الواطنين يتحدثون بلغة يملؤها الاحباط واليأس من المجلس ، بل ومنهم من تغير موقفه فبعد أن كان مع المجلس ومن مؤيديه أصبح اليوم في مواجهة معه .
سعود الفارسي
9/4/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق