طرقات ، مركبات ومجازر !!
مشكلة وحلول
سامحوني .. فانا أكتب مقالي هذا وأنا في قمة الغضب والحزن ، فلا تلوموني على ما سيخطه قلمي هذا من غضب ، فالمصاب جلل ، والواقع مرير ، والرعب ينتشر بسرعة كما تنتشر النار في الهشيم ، الطرقات المسفلته أصبحت رطبة من الدماء التي تسيل عليها كل يوم بل كل نصف يوم بل كل لحظة !! بيوت آمنة تغلق !! أطفال تيتم !! أفراحنا تنقلب فجأة لتصبح أحزان !! من كذب علينا وقال أن عمان ليست في حرب !! بل نحن في حرب حقيقية .. لكن حربنا تختلف عن حروب الآخرين ، الآخرين حروبهم مع غيرهم وعادة تكون متعلقة بمصالح وأطماع !! فحروبهم على الأقل أشرف من حربنا ولها أهداف !! أما نحن وللأسف .. حربنا بيننا .. بين بعضنا .. وكأن كل منا يركب قاذفة صواريخ ليفجر الآخرين !! ماهذا الذي يحصل !! ماهذه المهزلة !! نعم نؤمن بقضاء الله وقدره .. لكن أولم يأمرنا الله سبحانه وتعالى بتحري الأسباب !! أولم يأمرنا في كتابه المبين بأن قال (ولاتلقوا بانفسكم الى التهلكة) !! أولم يحن الوقت لتحرك جدي من الجميع !! لليوم لا نجد أي رد فعل حقيقي من أحد سوى من بعض الأقلام الخجوله التي تكتب بين الفينة والأخرى على استحياء وهي ترتدي " الغشوة " !! والجهات المختصة جل همها توريد رادارات ثابته وزرع رادارات متحركه هنا وهناك !! ومنذ متى كانت الرادارات حلاً لمشكلة الحوادث !! نعم قد تكون طريقة لمعرفة المخالفين لكنها ليست حلا جذريا لهذه المشكلة !! بل وكانت الرادارات المتحركة على وجه الخصوص سببا من أسباب الحوادث !!
عندما تحدث صاحب الجلالة عن الحوادث المرورية قبل بضع سنوات تراكضت تلك الجهات لاغلاق التقاطعات والمداخل بالطرق الرئيسية دون وضع بدائل لها ماكان له الأثر في تغير نوع الحوادث وليس التقليل منها وتأكيدا على قولي هذا ماقاله لي أحد الأطباء عندما كنت أناقشه في موضوع اصابات الحوادث واغلاق التقاطعات ، حيث قال لي بالحرف الواحد " ياسعود نحن نكذب على انفسنا ان الحوادث انخفض عددها باغلاق التقاطعات !! نعم نوعيتها اختلفت لكنها لم تنخفض !! فبعد ان كنا نعاني من اصابات حوادث المركبات ببعضها اصبحت تأتينا حالات دهس وارتطام بأجسام ثابته !! " إلى متى ونحن نتحرك بشكل ارتجالي ونعتمد على القرارات الارتجالية الوقتية !! متى سنرى حلولا عملية تطبق على أرض الواقع !!
ان مواجهة مشكلة حقيقية تعصف بالوطن كمشكلة الحوادث المرورية والازدياد المضطرد الجنوني فيها يحتاج إلى خارطة عمل حقيقية طويلة الأمد توضع بشكل مشترك من القطاعين العام والأهلي فالحلول الارتجالية الوقتية أثبتت فشلاً ذريعاً ، وهذا بدوره يعني ألا نرمي كل الحمل على الحكومة وأن نتذرع بأن المشكلة أساسها سوء تخطيط الطرقات ، فنحن كمجتمع نتحمل من الوزير الشيء الكثير ، وبالتالي فإن مشاركتنا الفعالة في التصدي لهذه الظاهرة من شأنه العمل على تقليلها والحد منها بشكل حقيقي وواقعي ، أما أن نطالب الحكومة بإيجاد حلول لكل شيء ولكل مشاكلنا ونحن واقفون للتفرج فهذه هي الأنانية بعينها وهذا يسمى تواكل لا يرضى عنه دين ولا يقبله منطق .
نحن كشباب عماني فاعل قد سبق لنا وأن ناقشنا مشكلة الحوادث المرورية على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كالفيس بوك وتويتر ، وقد ارتاينا أن الوقت قد حان لمشاركة الوطن في اقتراح بعض الحلول التي من شأنها أن تساهم في الحد من هذه المشكلة ، إلا أنه وقبل الدخول في تلك الحلول التي تم وضعها واقتراحها من قبل تلك المجموعة من الشباب ، فإنه يتوجب قبلاً تحليل أسباب تلك المشكلة ، والتي توصلنا إلى أن أسبابها يمكن تلخيصها في الآتي :
أولاً : اسباب تتعلق بالطرق .
لا يكفي أن يكون لدينا طرق معبدة ، بل نحتاج طرقاً تتمتع بمستوى عالي من معايير الأمان والسلامة وهذا لا يتحقق إلا بوجود تخطيط جيد للطرق وبضمان حسن تنفيذها مامن شأنه العمل على توفير مناخ من الراحة النفسية للسائق وضمان سير المركبة بشكل مريح ، كما أنها تقلل من عناصر المفاجئة كالحفر والمنحينيات الخطيرة .
ثانياً : أسباب تتعلق بالسائق .
وهذه الاسباب تكمن في الاخطاء التي يرتكبها قائد المركبة ومن شأنها تسبيب الحوادث وهي على صورتين :
1- أخطاء متعمدة من قبل السائق ، كاستخدام الهاتف النقال للاتصال او لارسائل رسائل بشتى انواعها او العبث فيه ، وكذلك كالانشغال بجهاز التسجيل ، وكذلك القيادة بطيش ورعونه بسرعات عالية جدا تتجاوز السرعات المحددة قانونا بشكل كبير جدا او في الاسواق والاماكنا المزدحمه وأود أن أخص بالذكر هنا مشكلة حقيقية تعاني منها طرقنا وهي اغلاق الطرقات الرئيسية بسبب زفات الأعراس والتجاوزات التي تحصل خلالها من تفحيط وتخميس ودخول مفاجيء بين المركبات !! من شأن تلك التصرفات ان تتسبب في حدوث حوادث خطيرة !! ، وكذلك من الممكن ان ندرج تحت هذا النوع من الأخطاء اهمال صاحب المركبة القيام بصيانتها واستبدال اطاراتها وغيرها من الامور المتعلقة بالمحافظة على سلامة المركبة وصلاحيتها للاستخدام .
2- أخطاء غير متعمدة ، كأن يتفاجأ السائق بوجود حفرة في الطريق أو يتفاجأ بوجود حيوان بطريقه فيحاول تفاديه فيحصل الحادث .
ثالثاً : اسباب تتعلق بالمركبات .
وهي من السباب الرئيسية لوقوع الحوادث ، وأخص بالذكر هنا المركبات الكورية واليابانية ، فوزنها خفيف جدا وهياكلها مصنوعة من الالمنيوم الخفيف وبالتالي فإنها تفتقر لعنصر الثبات في الطريق ، كما أنها تفتقر لكثير من وسائل الامان والسلامة كموانع انزلاق الاطارات تلك الوسائل التي لا تكون اجبارية في المركبات الداخله الى السلطنة بل تعتبر من قبيل الكماليات التي يجب على المشتري أن يدفع مبلغا اضافيا اذا ما أراد تزويد مركبته بها !! وناهيك طبعا عن أهمية وجود الوسائد الهوائية بالمركبات عند وقوع اي حادث – لا سمح الله – لتقليل حدة الاصابات !! وقد أصبت بالذهول قبل سنين عندما صرح أحد المسؤولين بالدولة أن كل السيارات المستوردة تتحلى بأعلى مواصفات الأمن والسلامة وأذكر وقتها قلت في نفسي باللهجة العمانية " وماذا عن الايكو رقم 3 " !! للتاكد من افتقار السيارات اليابانية والكورية لتلك العناصر يمكنك أن تقارن بينها وبين السيارات الاوروبية والامريكية ، فالسيارات الاوروبية والامريكية تجد حتى الفئات الرخيصة منها والاقل قيمة ذات وزن جيد وهيكلها متين وتحس براحة كبيرة عند قيادتها في الطرقات ناهيك عن انها مزودة بموانع الانزلاق والوسائد الهوائية !! فعلا تحس بالأمان وانت تقود تلك النوعية من المركبات .
ومن خلال مناقشة تلك الاسباب من قبل بعض " المغردين العمانيين " على تويتر عبر الهاشتاق " #حوادث_عمان " فقد خلصنا إلى أن حل مشكلة الحوادث المرورية في عمان تستوجب القيام بمجموعة متكاملة من الحلول على شكل حزمة ، فلا يمكن حل المشكلة بشكل حقيقي وفاعل الا من خلال الاخذ بتلك الحلول مجتمعة ، نعم نعلم أن تنفيذ بعض تلك الحلول يحتاج الى فترة زمنية لكن نطرحها لتكون تحت نظر المعنيين ، ويمكن تلخيص تلك الحلول في الآتي :
1- إجراء وقتي وعاجل يتمثل في عمل دراسة لحصر الطرقات ذات النسبة الأعلى لوقوع الحوادث واعلانها كمناطق عالية الخطورة مع عمل اللافتات المرورية لتنبيه مستخدميها .
2- وجوب اعادة تخطيط الطرق الحالية وحصر الخطير منها او المنفذ تنفيذا سيئا ووضع خطة لمعالجتها والتنسيق بشأنها بين الحكومة والمجتمع وهذا امر في غاية الأهمية .
3- تشديد العقوبات الحبسية على مرتكبي المخالفات والأخطاء العمدية السابق بيانها ، وفرض عقوبات حبسية عليهم بدلا من الغرامات وهو مامن شأنه توفير الردع العام ، فعقوبة الغرامة اضحت غير رادعه .
4- دراسة بعض الظواهر المجتمعية التي تعتبرها بعض شرائح المجتمع حقاً لها وتقنينها ومن ثم وضع حلول للتعامل معها وتجريم التجاوزات القانونية التي تحصل خلالها كظاهرة زفات الأعراس والزفات الخاصة بالاحتفالات الوطنية او الرياضية ومايتخللها من مظاهر احتفالية على حد اعتقاد مرتكبيها كالتخميس والتجاوزات المجنونه والخروج من نوافذ السيارات .
5- تكثيف الحملات الاعلانية عبر وسائل الاعلام المختلفة وتفعيل مبدأ "تثقيف الأقران" في المدارس والجامعات والاوساط المجتمعية لبث الوعي المجتمعي والقانوني بمشكلة الحوادث وآثارها القانونية والاقتصادية والمجتمعية والصحية ، مع الاستعانة ببعض الشخصيات المجتمعية او الدينية او الثقافية المؤثرة للمشاركة في تلك الحملات ، واشراك الكتاب والشعراء فيها كذلك .
6- اعادة مبدأ تسجيل النقاط عن كل تجاوز او مخالفة مع سحب رخصة قائد المركبة مؤقتا عند تكرار مخالفة معينة لعدة مرات او وصول السائق لعدد نقاط معين خصوصا في المخالفات التي من شأنها ارتكاب الحوادث ، بل والنص على امكانية سحب رخصة القيادة بشكل نهائي في حالات محددة عالية الخطورة .
7- اعادة دراسة اشتراطات ومواصفات السيارات المستوردة لعمان مع التركيز على وجوب توفير وسائل الامن والسلامة خصوصا المتعلق منها بثقل السيارة ومتانة الهيكل وموانع الانزلاق والوسائد الهوائية بحيث تكون ضمن المواصفات القياسية الاجبارية وليست مجرد مزايا اضافية .
8- الشرطة السرية لها دور كبير في مثل هذه الامور لذلك فإن نشرهم في الطرقات شي مهم جدا .
9- العمل على توفير وسائل النقل العام كالقطارات والميترو وباصات النقل المكيفة مع توفير أماكن انتظار مكيفة ومناسبة مامن شأنه تشجيع المواطنين والمقيمين على استخدام تلك الوسائل ومن ثم يقل اعتمادهم في قضاء مشاويرهم على المركبات وتقل بالتالي نسبة الحوادث .
10- حظر تسريح الحيوانات في الأماكن القريبة من الطرق والاماكن السكنية مع النص على وجوب مصادرة الحيوانات السائبة متى وجدت عند الطرقات والمناطق السكنية وخصوصا الجمال والحمير والماعز ، مع تحميل اصحاب تلك الحيوانات المسؤولية القانونية حال حصول حادث بسببها .
11- إعادة دراسة اشتراطات الحصول على رخصة قيادة بما يتناسب والمستجدات في هذا المجال ، فليس من المعقول ان يبقى اختبار الحصول على رخصة كما هو دون تغيير عشرات السنين !!
12- دراسة مبدأ إنشاء طرق خاصة بالشاحنات تكون منفصلة ومستقلة عن تلك الطرق المخصصة لاستخدام المركبات الصغيرة .
ختاماً ، قد تلقى بعض تلك المقترحات تحفظ من قبل بعض الشرائح المجتمعية لكن من باب الامانة نطرحها ، وعلى الجهات المختصة دراستها وأخذ المناسب منها ، ونحن كشباب مستعدين للمشاركة بما نقدر وبما يمكننا تقديمه في حل تلك المشكلة ، فنحن المجتمع ونحن الوطن ، وكما سلمنا آبائنا وأجدادنا الوطن بكل خير فإن من واجبنا العمل على تسليمه لأبنائنا كذلك وهو بكل خير ، وأود أن أشكر كل من تقدم بإقتراح لحل هذه المشكلة من شباب عمان وأخص بالشكر " المغردين العمانيين " .
سعود الفارسي
4/9/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق