مونوبولي عمان .. والمشروعات الصغيرة والمتوسطه!!
في إحدى
أساطير بلاد السند يحكى أنه ذات مرة كان هنالك رجلان يتصارعان على فتاة ، كان
الأول يضرب الثاني على رأسه بينما كان الثاني يسدد لكمة لوجه الأول وكانت أم الأول
تبكي وتصرخ خوفاً من أن يقتل الرجل الثاني ابنها ، وبعد صراع استمر لخمسة أيام
متواصلة أمسك أحدهما بطرف قميص الآخر فشقه فإذا به يشاهد علامة موسومة على ذراع
الطرف الآخر وإذا به يتوقف فجأة عن القتال .. فيتعجب الطرف الآخر من توقف الطرف
الأول عن قتاله .. وفجأة يقوم الطرف الأول بشق قميصه مخرجاً وسماً مشابه لذلك
الموجود على الطرف الآخر .. فيصيح قائلاً " اخي " أنت " أخي "
فتبكي الام وتجري لتحتضن الاثنان وتقول للآخر انت ابني الذي خطفك مني الشرير عندما
كنت صغيراً !! لا تتعجب أخي الكريم كذلك هو حال الأفلام " الهندية " ليس
فيها مستحيل !!
منذ وأن
صدرت توجيهات المقام السامي حفظه الله ورعاه بإقامة ندوة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولا حديث عند
البعض سوى عن هذا الموضوع !! بداية عندما نتحدث عن دولة مؤسسات وقانون فنحن نفترض
قيام مؤسسات متخصصة بالبلد تعنى كل منها بإدارة قطاع معين والاشراف عليه والعمل
على تطويره وحل مشكلاته وايجاد الحلول الناجعة لانجاحه !! لكن الغريب والعجيب في
بلادنا والظاهر جدا أن هنالك بعض الجهات لا تقوم بواجباتها على مايجب وبشكل سليم
او على الوجه الصحيح مما نلاحظ معه قيام المقام السامي بإصدار توجيهات لتصحيح مسار
تلك الجهات !! فقبل فترة صدرت أوامر سامية بإعادة مسمى التربية الإسلامية ، وأوامر
سامية بإلغاء الدرجة الخامسة والآن أوامر بإقامة ندوة تعنى بالمشروعات الصغيرة
والمتوسطة !!
رجوعاً
إلى موضوع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودون الدخول في معناها نظراً لوجود العشرات
من المقالات التي كتبت في هذا الشأن ، دعونا نرجع إلى الوراء لبضع سنوات هل تذكرون
أنه وفي تلك الفترة كانت هنالك أسماء شهيرة لتجار عمانيون بارزون !! كانت أسماؤهم تتداول
بين الناس كأصحاب أعمال ناجحين .. أولم يتسائل أي منكم أين ذهب أولائك التجار وكيف
أفل نجمهم !! وتبخرت أسماؤهم ؟؟ هل تعلمون أن كثيراً منهم تزامن إعلان إفلاسه مع
الكثير من زملاء القطاع !! هل وقف أي منكم ليتفكر أو يتمعن لماذا يحصل ذلك فجأة !!
وفي وقت متزامن !! أنا سأقول لكم لكوني إبن أحد التجار الناجحين آنذاك وكوني عاصرت
تلك الفترة بمرها ولوعتها !!
ماحصل
بتلك الفترة باختصار أن الجهات المعنية بالسلطنة وتشجيعا منها – على حسب توصيفها –
آنذاك أنها تتجه إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي في السلطنة مامن شأنه رفد الاقتصاد الوطني
!! فقامت بفتح السوق على مصراعيه للمستثمرين الأجانب الكبار أصحاب الملايين
والنفوذ الذين دخلوا البلاد بقوة دون أن تفكر الجهات المختصة آنذاك او تلتفت إلى
أن من شأن ذلك أن يؤثر بشكل مباشر على التاجر العماني الفرد او الشركات الصغيرة
والمتوسطه فلم توجد له اية حماية ، فدخل التاجر الاجنبي وبدأ في تكييف السوق
العماني على حسب توجهاته ورغباته إلى أن وصل إلى تكوين " لوبي " يتحكم
بكل صغيرة وكبيرة في أسواقنا ، والغريب ومايثير الدهشة أن أغلب المستثمرين الذين
دخلوا البلاد هم من جنسية واحدة!! مصادفة عجيبة !! فعلاً مصادفة لا تحدث حتى في
الافلام " الهندية " !! كان من
شأن ذلك التوجه " حسن النية " من قبل الجهات المختصه آنذاك أن تم تنفيذ
حكم الإعدام " المهني " لكثير من التجار العمانيين أصحاب الإسهام بشكل
مباشر في الاقتصاد الوطني والمجال المجتمعي في فترة من اهم فترات النهضة المباركة !!
السؤال
" البريء جداً " الذي يتبادر إلى ذهني وعلامة التعجب الكبيرة جداً التي
تقف فوق رأسي تدور حول " أين كانت الجهات المختصة كل تلك السنوات " ؟؟!!
لما وكيف لم تتنبه إلى أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الوطنية كواحدة من أهم
روافد الاقتصاد الوطني ؟؟!! وهل كانت تلك الجهات بحاجة إلى أن تصدر أوامر سامية
بإقامة ندوة تعنى بهذا الموضوع ؟؟!! وهل أن هذا الموضوع بذلك التعقيد الأمر الذي
يتوجب معه إقامة ندوة!!؟؟ هل نفترض حقاً أن تلك الجهات لا تعلم ماهي الاسباب وماهي
الحلول ؟؟ عموما وبما أنه لا " تحضرني " الاجابة على كل تلك التسؤلات
كوني مواطن عماني لا ناقة لي في الاقتصاد ولا جمل وبما أن مولانا حفظه الله ورعاه
أولى اهتمام شخصي بهذا الموضوع وأمر بإقامة الندوة فإنه ومن باب الأمانة يجب
التنويه إلى وجوب طرح واحدة من أهم الاشكالات التي تواجه قطاع المؤسسات الصغيرة
والمتوسطة التي يعلمها الكثير منا بما فينا المسؤولين عن القطاع على طاولة الحوار،
ألا وهي حقيقة وجود " اللوبي " الآسيوي والذي سبق وأن قلت بأن أغلبه من
باب المصادفة ينتمي لبلد واحد تلك المصادفة التي لا يستطيع حتى كاتب أفلام "
أميتاب باتشان " أو " شاروخان " " الهندية " أن يتصورها
في فلم من كتابته !! وبالتالي فإن أية محاور ستطرح أو أية مبادرات أو مهما كان
السقف الذي سيتم اقتراحه كدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من قبل الحكومة كل ذلك
لن ينجح في قيام قائمة لتلك المشروعات مازال أن ذلك اللوبي هو المتحكم والمسيطر
لكثير من أذرع المجال !! عليه يجب بداية طرح الحلول اللازمة لاقتلاع ذلك الاخطبوط
الذي لا تدخل سلعة الى البلد ولا تخرج منه ولا توزع بداخله لتاجر او صانع الا بعد
مرورها عليه وأخذه الإتاوة عنها !! بل ولا تتعجب عزيزي القاريء إذا ماعلمت أن
الكثير من الشركات المحسوبة على انها " عمانية " والتي نظن أنا وأنت أن
أصحابها هم عمانيون نظراً لكونها مسجلة باسمائهم لا تتعجب أن تكون في حقيقتها
مملوكة لاخرين !! لماذا العجب عزيزي فالأفلام " الهندية " يحصل فيها غير
المتوقع دائماً !!
أعلم أن
اقتلاع سرطان ينخر في جسد الاقتصاد ليس بالشيء اليسير خصوصا وأن العلم الحديث إلى
اليوم لم يكتشف علاج طبياً ناجحاً للسرطان !! وعليه قد يكون من المناسب تطبيق العلاج
المعمول به طبيها في مواجهة السرطان .. فبتر عضو من الأعضاء أفضل واخير من انتشار المرض
ليصل باقي اعضاء الجسم ومن ثم تكون الوفاة والنهاية الحتمية هي المصير !!
سعود
الفارسي
29/12/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق