سراب
الحياة !!
سراب
الحياة!! صورة ضبابية المعالم يتبادر إلى ذهنك في اللمحة الأولى إلى أنها ماتشاء وماترغب
وماتشتهي مشاهدته وماتتمنى ايجاده والوصول إليه .. صورة يخيل إلى ذهنك كذباً أنك
شارفت على ملامسة أحلامك والتمتع بشهواتك وتجسيد رغباتك وتوديع شوقك وتطليق
معاناتك مع اللهفة والجنون .. تلك الصورة التي تلوح في الأفق فاتحت ذراعيها
لاستقبالك واحتضانك وهمساتها الرقيقة تداعب أذناك بكلمات عشق وغرام !! تقول لك
تعال إملأ مكانك الذي اتعبني فراغه ويقض مضجعي الشوق اليك !! فتسرع لاهثاً لاهفاً
تسابق اللحظات لترتمي في حضنها مسابقاً ذهنك متخيلا لحظات الهدوء والسكينة التي
ستعيشها منذ أول لحظات وصولك إليها في الأفق !! تتعثر فتقوم وتواصل .. وتتعثر مرة
أخرى فتقف لا مبالٍ لقطرات الدم المتساقطه من بين شفاهك كالندى لتكمل سباقك نحوها
!! تسرع أنت فتبطيء هي .. تقترب أنت فتبعد هي !! وسؤال يجول في خاطرك لما تبتعد من
هي أشد مني لهفةً ورغبة !! أهكذا يكون الحب ؟ أم هو نوعاً من التثاقل و "
التغلي " ؟؟ أم أنه مايسمى " غنجاً ودلعا " ؟؟!! فتتابع مسيرك
نحوها وايقاع خطواتك يسابق الحنين .. ولا تصل !! تستمر على حالك هذا لساعات وأيام
وأشهر وسنوات دون جدوى ..فلا تصل !! فيبدأ سرطان اليأس في التسلل بين نبضات قلبك
ليدخل جوفك فيبدأ باحتلال قلاعه شيئاً فشيئاً واقتلاع مضادات الحزن والآهات وأنت
تصارع وتحدث نفسك بالاستسلام أم المقاومة .. وبينما تتقاذف الخواطر والاتهامات بين
عقلك وقلبك هذا يلوم هذا وهذا يتهم ذلك يستمر سرطان اليأس في احتلال خفقاتك واحدة
تلو الأخرى .. وفجأة .. تقف .. تقف .. تقف مذهولاً .. تدير رأسك يمنة ويسرة لتقول
" أين أنا " .. إلى أين كنت أسير ؟؟ مالذي حدث ؟ أين هي حبيبتي !! فتنظر
أمامك فترى حسينةً في قمة الجمال والروعة تبتسم برقة وحنان وملامح البراءة مرسومة
على قالبها .. تتراقص على شفتاها لمعات حب وغرام.. وتبدأ بالتبخر شيئاً فشيئا وهي تمد يدها نحوك محاولة لمسك ولو لمرة
وفجأة وقبل أن تصل يدها إليك تذوب كما تذوب قطعة ثلج موضوعة تحت أشعة الشمس تاركة
خلفها بقعة من الماء البارد الذي يبدأ بالتبخر بعد حين !! كذلك هو سراب الحياة !!
كم هو قاسٍ جنون السراب وكم هي أقسى حقيقته !! كم هو قاسٍ تصديق السراب وكم هو
أقسى تكذيبه !!
سعود
الفارسي
25/12/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق