إضراب الأطباء ... أروع مثال
وصلني قبل عدة أيام خبر تنظيم الأطباء في عمان اضرابا عن العمل للمطالبة بتحسين الوضع الصحي بالسلطنة ، حقيقة في البداية لم أعر الموضوع أي اهتمام وتوقعت أن تتعامل معه السلطات كما تعاملت مع باقي الاعتصامات والإضرابات السابقة ، ولكني بينما كنت جالساً بمعية أحد الأصدقاء من الأطباء بدأ الحديث بيننا عن الاضراب وأسبابه وأهدافه وصولا إلى آليته ، وبعد رجوعي من ذلك اللقاء فتحت الشبكة العنكبوتيه على بعض المواقع العمانية المشهورة المنشور بها موضوع الاضراب ، و بالإطلاع على حيثيات الاضراب والخطوات المتخذه بشأنه وجدت بأنه فعلا في قمة الرقي ، مرتب بأسلوب رائع راعى جميع الجوانب ، فقد جاء متسلسلاً بمعنى أن يبدأ بالتوسع في مداه شيئاً فشيئاً بداية من رسالة إلى القيادة ثم البرلمان ثم الادنى فالأدنى وفق برنامج زمني يبدأ بعده الاضراب الجزئي عن العمل لساعات قليلة مع مراعاة الحالات الانسانية والطوارئ بما لا يؤثر على سير العمل ولا يشكل خطراً على صحة المرضى وذلك بأن يمارس الأطباء بالطوارئ مثلا العمل مع ارتداء ما يشير إلى تضامنهم والإضراب ، وإذا ما استمر التجاهل فسيصل الاضراب بعد أسابيع طويلة لأن يكون اضراباً كلياً ، وكذلك أعجبت بالمطالبات والتي يمكن وصفها بأنها وطنية من الدرجة الأولى ، فلن يستطيع أحد التشكيك في نوايا الأطباء أو توجيه اتهام لهم بأنهم ماديين وسطحيين ولا يسعون إلا الى المادة كما وصف البعض المعلمين بالرغم من أن الجميع يعرف معاناة الأطباء المادية ويعلم بأن ما يتقاضونه لا يمثل شيئا مقابل كم العمل الهائل وأهمية الخدمات التي يقدمونها .
حقيقة ما يحصل ينبأ بالخير ويبشر بوعي وإدراك من قبل العُمانيين لمعنى الاعتصامات والإضرابات ووسائلها وطرقها بمعناها الحقيقي وبما يكفل حفظ التوازن بين المطالبة بالحقوق وسير العمل ، ليت باقي الجهات التي كان ينقصها الترتيب والمنهجية والقيادة لو كانت اتبعت نفس هذا النهج ، ولكن لولا التجربة والمحاولة السابقة لبعض الطبقات لما وصل الأطباء إلى هذه الدرجة الرائعة من التنظيم ، فهنيئاً لكم أيها الأطباء عملكم ، وعسى أن تتحقق مطالبكم ونشهد ذلك اليوم الذي تصل فيه الخدمات الصحية بما يتناسب وتطلعات الوطن والمواطن .
سعود الفارسي
25/1/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق