راجوه له "المكتب" .. خلفان له " التنكر" !!
هل سبق لك وأن سمعت بمصطلح" عقدة الخواجه " ؟ ماذا يعني ؟ وما أسبابه ؟ وهل هي عقدة أبدية لا حل لها في نفوس بعض المسؤولين ؟ إذا كانت الإجابة بلا ، فلا بد أنك قد سبق وأن وقعت في حالة او موقف يعد حالة من حالات " عقدة الخواجة " دون أن تعلم .
تعالوا لنحاول الدخول في تفصيل ذلك المصطلح لنعرف ماهو ، إن مصطلح " عقدة الخواجة " يحتوي على كلمتين أولاهما " عقدة " وهي مرض نفسي أو مشكلة نفسية ، وثانيهما " الخواجة " وتعني الشخص الأجنبي من خارج البلاد بشكل عام ومن خارج المنطقة العربية ويقصد به غالبا الإنسان الأوروبي أو الأمريكي أو الهندي أو الآسيوي بشكل خاص ، وبجمع الكلمتين نجد أنهما يعنيان وجود مرض أو مشكلة نفسية تتمثل في نفوس أصحابها بحبهم وثقتهم في كل ما هو غربي ورفضهم لكل ماهو عربي وذلك يعني الإعجاب والاعتقاد والقناعة التامة وتصديق واعتماد كل ما هو غربي واستبدال الغربي بالعربي وفي المقابل التقليل في شأن كل ما هو عربي وعدم الاعتقاد فيه أو تصديقة أو اعتمادة في حال وجود بديل غربي له ، فهي احساس بالنقص والدونية وعدم الثقة الا بالإنسان الغربي .
وفي عمان ، وفي مجال الوظائف والأعمال بشكل خاص ، تجد أن تلك العقدة تفرض نفسها وبقوة عند كثير من المسؤولين ، فتجده يفضل دائما العامل او الموظف الأجنبي على الموظف العماني !! وليت الأمر فقط في القطاع الخاص ، بل المصيبة أن تلك العقدة موجودة وبقوة كذلك في القطاع العام أو مايسمى بالقطاع الحكومي !! فتجد المسؤول الحكومي في كثير من الأحيان محاط بمجموعة من المستشارين الأجانب في حين أن العمانيين يكونون في مرتبة أدنى منهم، وذلك لكون أن ذلك المسؤول لا يثق في الموظف العماني بالرغم من انه قد يكون مؤهلا علميا وعنده من الخبره ماتكفيه بل وتزيد ليكون مستشاراً ، إلا أنه وبالرغم من ذلك تجد ذلك المسؤول يرجع للمستشار الأجنبي في كل اموره او في جلها !! أنا لا اقلل من أهمية الاستعانة بالخبرات الاجنبية خصوصا مع بداية تأسيس العمل ، إلا أن ذلك لا يعني بالمقابل تهميش المواطن وعدم العمل على تأسيسه وتطويره ليحل يوما ما مكان ذلك الاجنبي الذي في جميع الاحوال لن يكون مخلصا ومحبا لعمان كما هو العماني ، وعليه فهي لا تخرج عن كونها فترة انتقالية لحين جهوزية الموظف العماني ليحل محل الوافد ، الا ان المصيبة تكون أعظم عندما تعلم ان استعانة ذلك المسؤول بالمستشار الأجنبي مصدرها غياب الثقة في نفس المسؤول الحكومي في قدرات ومكنات الشاب العماني !! فهو يرى ان العماني مهما عمل ومهما تطور لن يصل الى " عبقرية " الأجنبي في يوم من الأيام !! والمصيبة اعظم واعظم واعظم عندما تعلم أن ذلك المسؤول يبيت النية أو يبحث عن مخارج قانونية يستطيع من خلالها تثبيت ذلك المستشار الأجنبي في جهة عمله !! يعني باختصار يصرح انني لا شيء بدونك !!
وسؤالي لكل من بداخله تلك العقدة " هل خلق رب العالمين العمانيين بدماغ واحد وخلق الأجانب بعدة أدمغة " مثلاً ؟؟
الغريب .. أن الموظف العماني اذا ماطالب بتطويره وبدورات تدريبية وبدراسات عليا فكثيرا مايقابل بالرفض لضيق ذات اليد ، في حين أن الدولة مستعدة لدفع آلاف مؤلفة من الريالات لاستجلاب ذلك الأجنبي بل ولأسرته كذلك ، بل أنظر إلى مايتقاضاه من راتب !! ستجده أضعاف مضاعفة لما يتقاضاه الموظف العماني أضف إلى ذلك التكاليف الأخرى من تذاكر ومعيشة وووو ... ولو افترضنا واتيح للعماني ان يعمل بنفس العمل ستجد أن راتبه أقل بكثير عن الراتب الذي يتقاضاه الوافد في ذات الوظيفة !! وانه لا يتمتع بالامتيازات التي يتمتع بها الاجنبي مع ان ذلك كله من ثروات البلد التي من المفترض ان يتمتع بها المواطن قبل الغريب ليس لشيء سوى لكونه عماني !! ازدواجية غريبة في المعايير !!
أذكر عندما قامت بعض الجهات بنشر الكذبة الكبيرة والتي اعتبرها في أحسن حالات حسن النية " خدعة " و التي اسموها " التعمين " أنهم عملوا جاهدين لتعمين الوظائف الدنيا كـسائقين التناكر والعاملين بمحطات الوقود وغيرها من وظائف تقع في ادنى السلم الوظيفي ، في حين أن الوظائف الكبرى كانت خطاً أحمراً لا يمكن المساس به وإلى اليوم لا زالت خطاً أحمر لا تستطيع تلك الجهات المساس به او حتى التفكير في الاقتراب منه !! هل كان السبب فعلا كما هو معلن التدرج في التعمين ! أم كان السبب هو الايمان الموجود في نفوس اولائك المسؤولين من أن العمانيين لا يصلحون سوى لمثل تلك الوظائف وبالتالي هذا هو الحد الذي يمكننا ان نعمل عليه ونعمنه ، اما الوظائف التي تحتاج الى عباقرة من الهنود والبنجالية والانجليز وغيرهم فلا يمكن المخاطرة بتعمينها لان العماني غير كفء وبالتالي " بيخربها " !!
إذا كان المسؤول الحكومي مصابا بذلك المرض النفسي فمن الواجب على الحكومة كونه احد افرادها أن تقوم على علاجه وذلك من خلال العمل بشكل حقيقي وواقعي وجدي على توطين الوظائف العليا ، اعتقد بأن فترة 42 عاما كافية جدا لايجاد كفاءات عمانية عالية المستوى من الطراز الأول قادرة على الوفاء بمتطلبات العمل الوطني على كافة الأصعدة ، ومن ثم تقول للأجانب الموجودين للآن في مناصبهم وعلى كراسيهم الجلدية " شكراً جزيلاً " وتقول للشاب العماني الطموح " تفضل " فمكانك هنا .. فهذا الكرسي أحق به العماني من غيره ، ولتعلموا أنه ليس بالضرورة أن كل ذي بشرة " حمراء " أو كل ذي شعر " أشقر " أو كل من " يهز " رأسه بالايجاب بدل أن يقول نعم هو عبقري وافضل من المواطن ، لا أنسى ذلك الاجنبي الذي قال لي بالحرف الواحد قبل سنين طوال : " الشباب العماني رائع عقله نظيف خامته رائعه كالصلصال تستطيع أن تشكله كما تريد " ، فعلا والله لقد صدق .. الشباب العماني رائع بكل مافي الكلمة من معنى لكن كل مايحتاجه هو الاهتمام واعطائه الثقة ، ومن بعد ذلك يكون الحكم .
سعود الفارسي
16/5/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق