لن أذهب إلى صلالة !!
بداية أحب أن أنوه بأن عنوان المقال لا يعكس نيتي الشخصية في عدم الذهاب إلى صلالة مستقبلا ، فكرم واصالة أهل صلالة ليست محلا للنقاش او الجدال والكل يشهد أن أهل صلالة بشكل خاص وأهل الجنوب بشكل عام هم الأصالة العمانية بعينها ، لكن عنوان المقال هو وسم (هاشتاق) أطلقه بعض الأخوة الإماراتيين على موقع التواصل الإجتماعي " تويتر " كرد فعل منهم إزاء الحادث المروري الذي أودى بحياة عائلة إماراتية باكملها عندما كانت تقضي إجازتها بعمان ، وطبعا .. هذا الحادث لم يكن الأول كما أنه ليس بالأخير الذي يقع لعائلات عمانية وخليجية وغيرها من الجنسيات ويحصد أرواح بالجملة !! بل وأن هنالك منازل أغلقت أبوابها بعد أن أودى حادث سيارة بحياة كل من يسكنها !! طبعا مسألة السرعة والتهور والانشغال بالهاتف النقال اثناء القيادة بشكل عام لا يمكن اغفالها كأسباب رئيسية لحوادث المرور ، ولكن بذات الوقت لا يمكن أن نغض الطرف عن سوء تخطيط وتنفيذ العديد من الطرق الحيوية والرئيسية والمهمة في بلادنا بدعوى ان تخطيط وتنفيذ الطرق كلها متوافق ومباديء الامن والسلامة العالمية ونرد على من يدعي ذلك بمثال واقعي جدا هو طريق الداخليه السريع ، كم عدد الحوادث التي تقع في ذلك الطريق مقارنة مع الطرق الأخرى كطريق الباطنة او طريق الشرقية القديم او الطريق المؤدي الى صلالة !! الواقع يفرض نفسه ، المصيبة عندما نجد أن هنالك مشكلة تتكرر بشكل دائم في كل موسم دون أن نحرك ساكناً في ذات الوقت الذي نروج فيه للسياحة وان السياحة إحدى البدائل المهمة للميزانية !! كتبت سابقاً وها أنا أجدني مضطراً مجددا لأن أكتب عن موضوع السياحة والطرق الآن !!
حتى نكون بلداً سياحياً لا بد وأن وأن تكون لدينا بنية تحتية تتوافق ورؤيتنا المستقبلية المتمثلة في أن نكون بلداً سياحياً ، فالسائح عندما يفكر في السياحة فإنه لا يفكر في الطبيعة فقط بل إن الخدمات تمثل عامل جذب مهم واساسي لدى كثير منهم ، ولذلك فإن من أهم البنى التحتية المتطلبة لمثل تلك الرؤى الآتي :
أولاً : شبكة الطرق .
يجب أن تعمل الحكومة على إنشاء شبكة طرق متوافقة ومعايير الأمن والسلامة العالمية وإعادة تهيئة القائم منها ، خصوصا الطرق الحيوية المؤدية إلى المناطق السياحية كالطريق المؤدي إلى صلالة والعمل على توفير كافة الخدمات اللازمة بها كمحطات تعبئة الوقود ومحلات اصلاح السيارات ومحلات الاطارات والمطاعم والاستراحات والمصليات وكل التجهيزات اللازمة الأخرى ، وجل تلك الامور إن لم يكن كلها تفتقر إليها بعض الطرق الرئيسية كالطريق المؤدي إلى صلالة واعتقد أن الرقم الفلكي للحوادث والوفيات الحاصلة فيه خير دليل وهذا بحد ذاته من شأنه تنفير السياح ودفعهم للبحث عن أماكن أكثر أمناً لهم ، فالطريق مكون من حارة واحدة فقط لكل اتجاه وبه حفر وعيوب كثيرة ، ومحطات تعبئة الوقود فيه محدودة جدا خصوصا بعد الخروج من أدم مما شكل أزمة شهدناها في إجازة العيد المنصرم ، أما المطاعم والاستراحات والمصليات فهي شبه منعدمة ، وبالنسبة لمحلات اصلاح السيارات فتجد نفسك تسير مئات الكيلومترات دون أن تجد محلا واحدا لاصلاح السيارات او الاطارات .
ثانياً : توفير أماكن الاقامة .
لا شك وأن السائح عندما يقصد بلدا معينا يعلن في وسائل الاعلام المختلفة بأن " السياحة تثري " فإنه يتوقع أن يجد أماكن إقامة مناسبه كفنادق الخمسة نجوم والأربعة نجوم والثلاثة نجوم بل وحتى النجمتين ، كما أن العائلات السائحة تتوقع ان تجد شققا فندقية بأرقى المستويات وبمستوى عالي من النظافة ، لكن الواقع في كثير من أماكن الإقامة في صلاله أنها ليست متناسبة والمستوى المطلوب !! فكم عدد الفنادق المعتبرة في صلالة !! وكيف هو مستوى الخدمات بها !! ومامستوى النظافة التي تتمتع به !! ومع ذلك كله ماهي أسعار الإقامة !! حقيقة وضع الأغلب الأعم من أماكان الاقامة في صلالة لن اقول مقبول – وفق معاييري الشخصية وتجربتي السنوية – بل هو سيء للاسف ، باستثناء بضع فنادق ، تجد أن أسعار الشقق عالية جداً تتجاوز الحد المعقول وبالرغم من ذلك تجدها مفتقرة للصيانة والنظافة بل وحتى الاثاث تجده غير مناسب !! وطبعا المصيبة الاكبر تكمن في عدم وجود رقابة على الاقل من الناحية العملية !! أعتقد أن الوقت قد حان لأن تقوم الجهات المختصة بالعمل على تشجيع الاستثمار العقاري في صلالة من خلال تشجيع انشاء الفنادق والمنتجعات والبنايات السكنية ، وكذلك العمل على تفعيل الرقابة على الفنادق والبنايات السكنية سواء من ناحية النظافة او الخدمات المقدمة ، ولا ننسى التركيز على مستوى الأسعار الخيالية ووجوب الحد منها .
ثالثاً : أماكن الترفيه .
نعم ، لقد حبانا الله سبحانه وتعالى بطبيعة لا يمكن ان تراها في دولة أخرى من دول الخليج ، لكن ذلك وحده لا يكفي ، فالسائح لن يقضي طول يومه في وادي أو سهل أو جبل ، بل انه يحتاج إلى تنوع الأماكن والفعاليات الترفيهية خصوصا وان السياحة عادة ماتكون سياحة عائلية بمعنى أن السائح قد يكون رجلا او امرأة أو شيخا أو طفلا صغيراً وبالتالي يجب مراعاة كل تلك الشرائح عند التخطيط السياحي ، طبعا من الممكن أن يقول البعض أن بلدية ظفار تقيم مهرجان خريف صلالة السياحي ، اعتقد أن تلك النوعية من المهرجانات بدائية جدا لا ترقى والطموح ، وبالتالي يجب العمل على تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي بشكل اكبر من خلال تشجيع وتسهيل انشاء الاسواق المختلفة والمراكز التجارية والمدن والحدائق الترفيهية وغيرها من أشكال الترفيه .
رابعاً : توفير الخدمات العامة .
واقصد بها دورات المياه العامة والمطاعم بالأماكن السياحية ، يجب على الجهات المختصة الاسراع في اقامة المزيد من دورات المياه العامة بمختف المناطق السياحية وإعادة تأهيل القائم منها ، وقد تكون دورات المياه المدفوعة التي شرعت بلدية مسقط في إقامتها أحد الحلول الجيدة التي من الممكن الاستفادة منها في هذا المجال ، أما بالنسبة للمطاعم فمن باب قول كلمة الحق ان مستواها جيد جدا في صلالة لكن نحتاج لزيادة عددها خصوصا المطاعم التي تخصص بها أماكن للعوائل .
بكل تأكيد هنالك عناصر أخرى للبنى التحتية يجب العمل على إيجادها حتى نستطيع أن نرتقي كبلد سياحيا الا انني حاولت استعراض المهم منها ، حيث ان المجال لا يتسع للحديث عن كل العوامل ، كنت أتمنى لو ان القطاع السياحي وجد اهتماما فعليا على ارض الواقع قبل أن يأتي غيرنا للحديث عنا وانتقادنا لكن كما يقال " مالا يدرك كله لا يترك كله " وأيضا " أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل " .
سعود الفارسي
28/8/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق