#جت_ريل معاليك
كتبت السطر الأول من مقالي هذا
ومسحته أكثر من مرة لأني لم أجد الكلمات التي تسعفني على تسطير مابداخلي من "
عواطف " نظرا لأن الكثرلا يزالوا مصرين على أننا شعب " عاطفي "
تحركه المشاعر والعواطف ، بل وأصلّوا ذلك " تاريخيا " ! انا أفتخر وبشدة
كوني عاطفيا من الدرجة الأولى ، فالعاطفة على أقل تقدير تدفعني للتفكير في الطبقات
المتوسطة والفقيرة من العمانيين ، تجعلني أحس بآلامهم ، بوجعهم ، بهواجسهم ، بكل
ذلك الكم الهائل من المشاعر " المخيفة التي تمر عليهم عشرات المرات في اليوم
والليلة ، بل وهي العواطف التي جعلتني أستنكر وأشجب وأندد ذلك الأسلوب في الحديث
الذي تًرجم في تغريدة أحدهم والتي كان مضمون نصها " العمانيون يحصلون على
تعليم مجاني ، عناية صحية مجانية ، بترول مدعوم ... " إلى آخر تلك التغريدة ،
هنالك من حاول أن يبرر ويدافع عمّا ورد بالتغريدة ، فتارة يقول بأن مضمونها قد
حًرِّف وأن كاتبها يقصد من ورائها شيئا آخر ، وتارة يقول بأنها زلة لسان وأن
صاحبها بشر من الممكن أن يصيب وأن يخطيء ، وغيرها من الأعذار والتبريرات الكثير ،
التي قد نتفق عليها وقد نختلف ، لكني شخصيا أرفض كل تلك التبريرات لعدة أسباب وأرى
بأن ماورد بالتغريدة مقصود ، لأسباب عديدة منها توقيت التغريدة ، فالكل على علم بقرار
مجلس الوزراء الذي كان من شأنه تحجيم دور الهيئة العامة لحماية المستهلك وقصقصة
أجنحتها ، وما صاحب ذلك القرار من رفض شعبي واسع النطاق وصاحبه من اطلاق لوسم
#ضد_قرار _مجلس_الوزراء الذي تصدر المرتبة الأولى في تاريخ الهاشتاقات العمانية ، والتي
قال صاحب تغريدة الجيت ريل بشأنه بأنه متفق وذلك القرار " وهو حقه "
فالتعبير عن الرأي مكفول للجميع ، ولم نتعرض له وقتها ، فكما أن من حقنا التعبير
فمن باب أولى له هذا الحق ، وثاني تلك الأسباب أن تغريدته كتبت باللغة الانجليزية
وما أعلمه عنه بأنه يجيد اللغة الانجليزية بشكل كامل ، وبالتالي فهو عالم بمعنى كل
كلمة كتبها في تغريدته ، لو كنت أنا أو غيري ممن قادهم القدر للدراسة في المدارس الحكومية
كتب التغريدة لكنا قلنا لا بأس فلغته على
" قده " ، لكن هنا يختلف الوضع ، وكذلك فإن كاتب التغريدة هو "
شخصية عامة " بل ومركزه " الوظيفي " يفترض منه بأن يدرس كل كلمة
سيتفوه بها لأنه وببساطة لا يستطيع أن يخلع عباءة المركز وإن شاء ، فالناس تعرفه
بشخصيته العامة لا بشخصه .
عموما وبعيدا عن الفلسفة "
الزايدة " ، ما أود أن اقوله هنا لمـ " معاليه " باننا نرفض هذا الأسلوب
في الخطاب ، فإن كان التعليم في عمان بالمجان والصحة بالمجان والبترول مدعوم فإن
كل ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ومن خيرات عمان ، أكرر ، من خيرات عمان وليست من
جيب أحد ، وليس لأحد فضل علينا في ذلك ، ونحن نعلم ذلك وواقعيين جدا ، بل وي آر ريل
مور ذان يو ، لسبب بسيط ، لأننا نعيش الحياة ومعاناتها بكل التفاصيل ، فنحن نعيش
ونعتمد إعتمادا رئيسيا على " رواتبنا " أو مصادر دخلنا التي نحصل عليها
مقابل العمل " ويالله تكفي " ، لذلك فنحن مضطرين على تعليم أبنائنا
بالمدارس الحكومية وللعلاج المجاني ، ولسنا كغيرنا ، الذين تغدق عليهم الدولة خيراتها
والعطايا ، فتجد الدولة تمنحهم القصور ، وتعلم
أبنائهم بأرقى المدارس الخاصة ، وترسلهم للعلاج في أرقى المستشفيات العالمية ، فقط
أتمنى أن يخبرني هذا المسؤول بأسماء المدارس الحكومية التي يدرس فيها ابناؤه !
والسؤال الأهم ، لماذا لا يعلمون أبنائهم بالمدارس الحكومية إذا كانت فعلا في قمة
الرقي !! فلتعلم معاليك بأن المدارس الحكومية " المجانية " تعاني أشد
المعاناة ، فلا ناقلات محترمة للطلبة ، ولا مظلات تقي الطلاب من الشمس عند الوصول
والطابور والفسحة والخروج ، ولا مكيفات صالحة في أغلب المدارس ، تصور أن يجلس أبنك
في فصل لساعات طويلة " على حيلة مروحة " ودرجة الحرارة في الخارج 45 !
سيأتي أحده ليقول " عيل أول كنا ندرس تحت الغاف ونمشي من البيت للغافة "
!! وأرد عليه ذلك زمان وهذا زمان مختلف ، بل ويمتحن أبنائنا في فصول الكثير من
أجهزة التكييف فيها " عطلان " ، حتى تلك الأجهزة التي تبرع أحد التجار –
رحمه الله – بالآلاف منها للمدارس الحكومية " المجانية " والتي أراحت
طلابنا لسنوات تعطلت بسبب عدم الصيانة !! فياليت معاليك تزور المدراس وياليت تعلم
أبنائك فيها عشان أنت بعد تكون واقعي .
كذلك أرجوا من ذلك المسؤول أن
يطلعنا عن المواعيد البعيدة والطابور الطويل الذي يجب أن يقف به حتى يحصل على
العلاج " المجاني " ! وفي أي مستشفى حكومي يتعالجون !! ولماذا هنالك
اجنحة " VIP " ياترى !! أوليس في
ذلك ترسيخ لمبدأ الطبقية ! كما أرجوا منه أن يخبرني لماذا يسافرون للعلاج للخارج
إذا كان العلاج متوافرا في السلطنة ؟ بل وكم ينتظر من تاريخ تقديم طلب العلاج
بالخارج حتى يتم الرد عليه بالموافقة من عدمه هذا إذا كان طلبه يرفض أساسا ! هل
" يصف " مع باقي المواطنين في الطابور ياترى ؟؟ وبالنسبة للبترول "
المدعوم " هل معاليكم تدفعون مقابل ماتستهلكون من بترول " مدعوم "
مثلنا !! في رأسي من الأفكار الكثير لكن ولعلمي أنها " محرمة " ومن
" كفر النعمة ونقمها " البوح بها ، سأكتفي بما ورد أعلاه .
ياسيدي الكريم ، فعلا اليوم
العمانيين أصبحوا أكثر واقعية من الأمس ، اصبحوا اكثر دراية بحقوقهم وواجباتهم ،
أصبحوا أكثر ثقافة ووعيا ورقياً ، خطاب " المنية " وعصر الديناصورات لم يعد يناسبهم ، فذلك الأسلوب وإن كان مقبولا
في فترة زمنية معينة من قبل الآباء والأجداد أيام تلفزيون الأبيض والأسود فقد أصبح
مرفوضا اليوم، بل ويرفضون الإهانة اياً كانت وممن كانت ، وإبدائهم الراي في موضوع
قرار مجلس الوزراء بتحجيم دور الهيئة هو حق لهم ، بل وهو حق اصيل كفله النظام
الأساسي لهم ، وعليه فمن الواجب عليك الآن أن تعتذر عن ذلك الأسلوب ، وأن تراعي –
أنت وغيرك – مستقبلا الكلمات وتنتقيها عندما توجه خطابك للعمانيين ، فهم وإن كانوا
محترمين وطيبين و " على نيتهم " يبقون شامخين لا يرضون أن تمس كرامتهم ولو
بكلمة أو تلميح ، فما بالك إذا كان ذلك الأسلوب مملوء بالعنجهية !
ختاماً ، أؤكد بأننا مانزال
" رافضون لقرار مجلس الوزراء " الخاص بتحجيم دور الهيئة العامة لحماية
المستهلك ، ونقول لمن حاول تبرير ذلك القرار " شكر الله سعيكم " ، فكل
ماقلتموه لم يقنعنا ، بل واجتماعكم بالتجار في عقر دارهم لا بوزارتكم أو بمكان آخر
كان ومايزال مثار جدل واستغراب وتعجب وانتقاد ! وكنا ننتظر منكم من باب الإنصاف
والموضوعية على الأقل أن تجتمعوا بالمواطنين كذلك في عقر دارهم وأقصد هنا إن لم يكن
من خلال ممثليهم بمجلس الشورى فبالنزول إلى الأسواق ! ولكن ذلك غير متصور وفقا
للمعطيات ، عموما عندما نتحدث عن سوق حر فإنه يجب الحديث عن كل مرتكزاته لا أن
نكتفي بشق ونلتفت عن الآخر ، عندما تكتمل البنية التشريعية لسوق حر فعلي سنقول
جميعا " نعم لمبدأ السوق الحر " ولكن أن يبنى قرار بتلك الخطورة على
أساس تشريعات مازالت محلا للمراجعة والنقاش لم تصدر بعد فهو قرار عجيب ! فكيف تبني
حكومة قرارات كهذه على أساس ماسيكون ياترى ! وعلى أساس وعود شفهية ! في دولة
أساسها القانون وهو الذي يكفل الحقوق ! ومادام أن الشيء بالشيء يذكر ، فهي دعوة
لصاحب تغريدة الجيت ريل بأن يكونوا هم أيضا أكثر واقعية وأن يختاروا بين مناصبهم
وبين التجارة ، فكيف يكون بيدهم إصدار قرارات يتعلق بها مصير المستهلك في الوقت الذي
يكونون هم أو بعضهم تجارا ! فهل من
المقبول عقلا ومنطقا أن يكونوا هم الخصم والحكم ! وللعلم ، فإن " الشياب
" تحديدا يتحدثون في مجالسهم مستغربين وممتعضين من عودة الأمور لسابق عهدها
قبل العام 2011م – على حد تعبيرهم - فمابالكم
بالشباب العماني " العاطفي " !
سعود الفارسي
22/6/2014م
جزاك الله خير
ردحذف