شخبطات .. وأشياء أخرى !!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أصدقائي ..

أشكركم على زيارة مدونتي " عماني .. حالم " .. متمنياً لكم قراءةً ممتعةً مفيدةً بإذن الله ..وأعلموا أن ما أخطه ماهو إلا مجرد " شخبطات .. وأشياء أخرى " كانت نتيجة لاستمرار التوهان في جنبات الكلمات ودهاليز العبارات .
أخوكم / سعود الفارسي

معلومات عني لا تهمك : مستشار قانوني - مدون - كاتب - باحث دكتوراه ببريطانيا .

ملاحظة : لا يظهر في الصفحة الرئيسية سوى عدد محدود من المقالات..للإطلاع على باقي المقالات يرجى الضغط على الرابط " رسائل أقدم " الموجود بأسفل هذه الصفحة .

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

براءة السيراميك .. مالها وماعليها !

 

 
كثر الهرج والمرج فيما يتعلق بقضية أحد المغردين الذي توجه باتهاماته عبر تغريداته لإثنين من أهم رجالات القضاء في عمان واصفا إياهم بأبشع الصفات ، بل وهما يعتبران رأسان لأهم مؤسستين قضائيتين في عمان ، والسبب على حد زعم ذلك المغرد أن أولائك الأشخاص قد قاما بإبتزازه ولي يده مستغلان قضيته للحصول على منافع خاصة لهما تتمثل في بعض السيراميك والبلاط !
حقيقة ، إلى لحظة ماقبل صدور بيان الإدعاء العام كنت ضد مايقول ذلك المغرد بس وضد أسلوبه في طريقة طرح القضية بل وآليتها وكنت ضمنيا "أكذب" ماكان يخطه في تغريداته من قيام أولائك الإثنان بتعاملات تجارية معه ، لكن الفاجعة كانت بصدور بيان الإدعاء العام ذلك البيان " الضعيف " موضوعا المرفوض " شكلا " ، والذي تضمن تأكيدا على قيام تعاملات تجارية بين ذلك المغرد وبين الاثنان المنوه بهمها آنفا ! ذلك البيان الذي أقول ومازلت أتمنى بأن لم يكن قد صدر !
العديد والعديد جدا من المقالات التي نشرت تتحدث عن هذا الموضوع ، وأنا كمراقب أستطيع أن أقسم تلك المقالات إلى ثلاث فئات أو توجهات رئيسية :
-          الفئة الأول من الكتابات كانت متعطافة جدا مع المغرد لمجرد العاطفة بغض النظر عن أي دليل مادي أو حقيقي ، فالعاطفة المجردة فقط هي المحرك الرئيس لتلك الفئة ، وربما أن وجود ضعف ما في الثقة بين المواطنين وبين المسؤول في عمان بشكل عام تجعل الناس يلتفون حول كل من يظهر بمظهر المظلوم وإن كان في حقيقته ظالما أو مجرما !
-         النوع الثاني يتمثل في المدافعين عن السلطات دفاعا مستميتاً ويعتبرون أن مجرد الحديث عن السلطات يعتبر سلبية ويعتبرون السلطات خطا أحمر حتى وإن كان الحديث أو النقاش مقتصرا على رجالات معينة بتلك السلطات وليس عن السلطات ككل !
-         الفئة الثالث ، وهي الفئة التي تبكي وتتباكى على غياب سلطان البلاد – حفظه الله ورعاه – عن السلطنة ، وتقول بأن ذلك الغياب هو سبب قيام مثل هذه المشكلات ! وهو توجه غريب حقيقة ! أوغياب سلطان البلاد من شأنه أن يجعل أرضنا الطاهرة ساحة لتصفية الحسابات ! أولسنا دولة مؤسسات وقانون ! هل من المعقول أن نثقل كاهل رجل كبير أفنى عمره في بناء الوطن في كل الأمور صغيرها وكبيرها حتى وهو في مرضه !
وربما يكون أكثر هذه التوجهات إنصافا هو ذلك البيان الصادر عن إحدى الفرق القانونية التطوعية ، وإن كان ذلك البيان جاء بالكثير من " الاستحياء " !!
 
وإزاء هذه التوجهات والتي أعتبرها شخصيا " غير منصفة " أو " غير موضوعية " بشكل إجمالي لأكون أكثر دقة ، ولكون أن مابين هذا التوجه وذاك فإن المواطن البسيط هو من يضيع في " الطوشة " فقد إرتأيت بأنه من الواجب أن أكتب بشكل موضوعي يناقش هذه القضية بشكل عام دون الميل لطرف دون آخر .
أولاً : بالنسبة لقضية المغرد ، فالسؤال الذي " يسدح " نفسه وبقوة هنا هو " لو كان هذا المغرد قد حصل بالفعل على مايريده من قبل السلطات القضائية وهو الحكم ببراءته من الجريمة الموجهة إليه فهل كان سيقوم بطرح قضية " الفساد " التي يدعيها ويقاتل مستميتا من أجلها اليوم ! هل كان سيتغنى شعارات الوطنية غير المتناهية التي يطلقها كل يوم ! هل سيقول " نعم ، وبعد أن حصلت على برائتي فإني أود أن أعلمكم ياشعبنا الأبي بأني قد رشيت فلان وعلان للحصول على حقي في البراءة وقد حصلت عليها استنادا على فسادهم " !! طبعا لا وألف لا ، عليه ، وبغض النظر عن صحة مايدعيه من عدمه ، فهو شريك رئيسي في الجرم "إن صح" وعليه فلا يصح أن نجعل من هكذا أشخاص " أبطال قوميين " لأن الواضح من تصرفه هذا بأنه ماهو إلا تطبيق لقاعدة " علي على أعدائي " وأن مايقوم به ماهو إلا تصفية حسابات ! ناهيك عن المصطلحات " السوقية " التي وصف بها أولائك الأشخاص والتي لا تصح وتعد غير مقبولة مجتمعيا ولا شرعيا ، فهل من الأدب أن يصف رجل كبير في السن بصفات تحط من إنسانيته !
ثانياً : فيما يتعلق بعمل القضاء ، فإنه من الثابت ومن خلال الصور التي نشرها " المغرد  " بأن العلاقة بينه وبين من ذكر من أعضاء السلطة القضائية علاقة ود وثيقة ، فالصور الملتقطة ووضعياتها وأماكن إلتقاطها بل والدرع المهدى إلى " المغرد " يحمل شعار إحدى الجهات ذات السلطة القضائية وهي السلطة الممثلة للمجتمع ، فكيف يصح أن يتعامل أهم رأسان في السلطة القضائية مع شخص متهم يعرفان ملفه حق المعرفة ! بل ويقومان بالشراء منه وبتكوين علاقات تجارية وهو الأمر الذي أكده البيان الصادر من قبل الإدعاء العام ! من الثابت أن مبدأ النزاهة ومبدأ النأي عن مواطن الشبهات والشك والريبة من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها رجل القضاء ، بل وحتى من الناحية الشرعية لا يجوز للقاضي أن يستقبل أحد الخصوم في بيته إلا بشروط مقيدة جدا ! فكيف بعد ذلك يصح برجل القضاء أن يقوم بإستقبال متهم وبعقد لقاءات ودية في منزله أو مكتبه ! لا أقول هنا بصحة مايدعيه المغرد ولكن بمجرد وضع من ذكرا آنفا نفسيهما موضع الشك والريبة من شأنه هز الثقة عند كثير من المواطنين في السلطة القضائية ، تلك السلطة التي نصت المادة (59) من النظام الأساسي للدولة على أنها " وشرف القضاء ، ونزاهة القضاء وعدلهم ضمان الحقوق والحريات " ، أما مايدعيه البعض وماذكره البيان من أن تلك التعاملات كانت بصفتهم الشخصية فهو مردود عليه بسؤال بسيط " وهل يستطيع القاضي فعلا أن ينزع عن نفسه عباءة القضاء مثله كمثل أي موظف عمومي يشغل وظيفة خدمية !؟ " وبسؤال منطقي آخر وهو " هل من المقبول أن يتردد أي قاضي على حاناة الخمر ليشرب الخمر متعللا أنه يتردد عليها بصفته الشخصية ! " وبسؤال ثالث وهو " هل كان المذكوران آنفا سيحصلان على التخفيض الذي يدعيه المغرد لو لم يكونا في مركزهما القضائي ! " ، سيقول قائل وهل ذلك يعني أن القضاة لا يستطيعون ممارسة حياتهم " الانسانية " مثلهم كمثل غيرهم وأقول بل ذلك حقهم ولكن بعيدا عن مواطن الشك الريبة وأجيبهم بسؤال وهو " أوليس في عمان إلا محل التاجر للسيراميك ليتعاملا معه وهما يعلمان بأن عليه قضية منظورة أمام القضاء ! " .. أعتقد بأنها أسألة منطقية جدا وهي مجموعة بسيطة لدي الكثير غيرها لكن أكتفي بما ذكرت .
ثالثا: فيما يتعلق بالبيان الصادر من قبل الإدعاء العام ، فإن الإدعاء العام هو ممثل للمجتمع ،فكيف يقوم جهاز كالإدعاء العام بإصدار بيان كهذا للدفاع عن شخوص بعينهم ! أولا يعد المدعي العام مثلا موظفا في هذا الجهاز ومن ثم فإنه كان من حقه اللجوء للأساليب القانونية والقضائية المحددة لرفع دعوى على المغرد للحصول على حقه فيما تعرض له من سب وغيره ! هل الإدعاء العام يعكس شخوصا أم هو جهاز مستقل بالدولة ! إن صدور هذا البيان من وجهة نظري الشخصية هي انتكاسة حقيقية وماكان ينبغي للإدعاء أن يصدر هذا البيان كما أنه ماكان ينبغي عليه أن ينزل من نفسه ويحط من قدره بإصدار بيان عن شخص بعينه ، بل وأن يتضمن كل تلك التفاصيل الخاصة عن ذلك الشخص بما في ذلك معلومات تتعلق بقضايا حكم فيها ببراءة ذلك الشخص ! كرجل قانون أرى بأنها مخالفة صارخة لاختصاصات الإدعاء كما أنها تعكس " شخصنة " في الموضوع وجعل المشكلة مابين الجهاز ككل وبين مغرد ! هي مخالفة يجب الوقوف معها من قبل الجهات المختصة في عمان . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى هل لو كان هنالك مغرد آخر قام بوصف " سعود الفارسي" مثلا عبر تغردياته بأن سعود هذا فاسد وحرامي الخ هل كان الإدعاء سيقوم بإصدار بيان لنفي تلك التهم عني ! طبعا لا ! إذاً فالمعايير هنا ستكون مزدوجة ، وهذا ما هو إلا تأكيد على ماذكر آنفا.
 
بإختصار فإن ماحصل هو موضوع يجب الوقوف معه بحزم ، وهو درس يجب أن نستفيد منه جميعا ، بداية من نفسي ، مرورا بكل أعضاء السلطة القضائية انتهاءً بجميع الموظفين  ، مضمونه النأي بأنفسنا عن مواطن الشبهات ، فكل منا مؤتمن على وظيفة وعلى واجبات تلزمه بأن يكون محايدا في كل وقت ، فقبولك ميزات أو هدايا وأنت بمركز معين لن يكون لـ " سواد " عينيك ، فقط تفكر ، هل لو كنت في مركز آخر غير ذلك الذي أنت فيه حاليا هل كنت ستحصل على تلك الميزات أو الهدايا وستعرف الإجابة بنفسك ، فالهدايا مهما كان نوعها ، سواء كانت مبالغ نقدية أو هدايا عينية أو مزايا كخصومات خاصة أو هدايا بمناسبة حصولك على منصب معين تصلك من التاجر الفلاني والشركة العلانية ، فإن كل ذلك قد أتفق فقهاء القانون على أنها في النهاية تدخل تحت ما يسمى بـ" الرشوة " وقد قال صلى الله عليه وسلم " لعن الله الراشي والمرتشي " ، عليه فهل يصح أن يقوم أحد أعضاء السلطة القضائية مثلا بالتعاقد مع مقاول لبناء منزل له في ذات الوقت الذي يكون فيه المقاول خصما في إحدى القضايا المنظورة أمام ذلك العضو ؟ وهل يجوز مثلا أن يقوم عضو إدعاء عام بشراء سيارة من شركة سيارات في ذات الوقت الذي يكون للشركة ملف قضية مفتوح أمام ذلك العضو بالإدعاء العام للتحقيق فيه ؟ وهل يصح أن يقوم مدير عام الشؤون المالية والإدارية بإحدى الوزارات مثلا بشراء مجموعة من السيارات لتلك الوزارة ومن ثم يقوم بشراء سيارة لنفسه أو لإبنه من نفس الشركة بتخفيض خاص فقط لكونه قد تعامل مع تلك الشركة لصالح وزارته ؟ أوليس في كل تلك الأمثلة شبهات ! أترك الإجابة لكم .
 
ختاما أود التأكيد على يقيني التام بأن القيادة الحكيمة في بلدنا الغالي يهمها جدا أن تكون السلطة القضائية وغيرها من السلطات في أفضل صورة وأن تكون ثقتها " تامة " عند جميع المواطنين ، عليه ، فإنه إذا ماحصل تغيير في تشكيل أو عضوية أي من تلك السلطات ، فإن ذلك لن يكون فضله لذلك المغرد أو لغيره ، بل أن ذلك إذا ماحصل فإنه سيكون رغبة من القيادة الحكيمة للقيام بإصلاحات وتطويرات في السلطنة لصالح السلطنة ومواطنيها  وهو مالمسناه في عام 2011م ، وهو مايؤكد مبدأ أن عمان ليست شخوص بذاتهم بل هي أسمى من الجميع ، وتأكدوا أن مثل ذلك التغيير لا يغير من صفة ذلك المغرد ، ولا يجعل منه بطلا قوميا كما يتوهم البعض هذه الأيام .
 
سعود الفارسي
25/12/2014م

 
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق