أمن وأمان ، قيم وأدب ...
منذ أن بدأ العمانيون يطالبون بما يعتقدون بأنه من حقوقهم وأصحابنا لا يألون جهداً في مشرعهم الوطني الجديد والمتمثل في " تأديبكم وبث القيم فيكم من جديد " ، ابتداء من ندوة القيم العمانية التي صرف عليها أكثر من ثلاثمائة ألف ريال ولم يحضرها سوى المنظمون وبعض الأفراد المدعوين فقط مروراً بالبرنامج الرائع " قيم " لصاحبه الفهدي الذي وجد الفرصة على طبق من ذهب لبث برنامجه بل ودعمه وتغيير وقت عرضه أكثر من مرة وهو الأمر الذي لم نعتده من قبل التلفزيون العماني " الملون " ، وأخيرا هاهم معتلي المنابر من الشيوخ والمطاوعة يقرئون من تلك الوريقات المعدة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سابقاً – يقرئون علينا ما كتب لهم عن الأمن والأمان والأدب والقيم !!! لا أدري لماذا هذه الحملة المركزة على مسألة القيم في هذا التوقيت بالذات !! أين كانت مثل هذه الندوات في السابق لماذا لم يكن ينظر للمواطن وهمومه ومشاكله بعين الحق واليقين و " الشفقة والرأفة " !! ليعلم أولائك القوم أن العمانيين يملكون من الأخلاق والقيم ما ربما لا يملكونها هم أصلاً فأصالة العمانيين وتربيتهم وأخلاقهم وقيمهم هي من جعلت العمانيين يصبرون ويشربون الضيم ويلعقون العلقم في صمت رهيب في الوقت الذي كانوا يرمون ويسمعون بمناقصات قيمتها الملايين دون أن يروا أي مردود يرد عليهم بشكل مباشر أو غير مباشر بل ومشروعات بأرقام خيالية يكون تنفيذها جداً سيئ وأوامر تغييريه يجاوز مجموعها قيمة العقد الأصلي وقس على ذلك الكثير والكثير من المشروعات ، وأصالة العمانيين وتربيتهم وأخلاقهم وقيمهم هي كذلك من قادتهم للمطالبة بحقوقهم وحقوق اولادهم وبـ " التطوير " في أرقى صور المطالبة ، وللعلم فقط لو قارنت المواطن العماني بقرنائه من بقية الدول لوجدته الأفضل بينهم بكل تأكيد ، وليعلموا كذلك بأنه يملك من الأخلاق والقيم مالا يعرفها أصلا حتى أولائك المحاضرون الذين دفعت لهم آلاف الريالات ليتحدثوا بما لا يعلمون أصلا ولم يتربوا عليه !! أضحكني الإمام الواقف على المنبر يوم أمس الجمعة وهو يخطب ويقول " أن سيدنا يوسف صبر واجتاز السبع سنين العجاف بتكاتف المجتمع وصبره " وأحب أن أقول له أن كثير من شبابنا صبر ومازال يصبر على عشرات السنين من " السنين العجاف " !! عجيب كيف يكيفون الدين لخدمة أهدافهم !!
بالمقابل هل يجب على الدول أن " تمن " و " تتغنى " بنعمة الأمن والأمان كلما تحدثنا عن " التطوير " !! أوليس من أولويات الدول ضمان الأمن والأمان وفرضهما على كامل إقليمها ؟؟!! ومن جانب آخر هل الدول التي يعيش مواطنوها في رغد من العيش ينقصها الأمن والأمان ؟؟!! وهل يعيش مواطنوها في رعب ورهبة وخوف طوال اليوم ممسكين ببنادق ومدفعيات وأسلحة بيضاء للذود عن أنفسهم وذويهم وأموالهم ؟؟!!! هل الأمن والأمان ميزة لا توجد إلا في بلد يعينه فقط بالله عليكم ؟؟!! نعم نعرف ما هي نعمة الأمن والأمان ونقدر أهميتها لكن بالمقابل لا نقبل ولا نرضى أن تكون شماعة للتخلف وملازمة الموقع دون تطوير حقيقي ، نعم كلنا نقول فلنحافظ على منجزات الوطن ولكن نحن نكمل العبارة الناقصة المعلقة في الشوارع ، فعبارتنا تقول " فلنحافظ على منجزات الوطن ونحافظ على المواطن " ، فالمواطن يعتبر الركيزة الرئيسية في أية دولة عصرية ، والمستوى المعيشي وان كان مرتبطا بالأمن والأمان إلا أنه كذلك له شق آخر متمثل في المادة ، فالشاب محتاج للمادة لتكوين مستقبله والزواج وتأمين بيت العائلة وتربة الأبناء وتدريسهم وغير ذلك من الاحتياجات الضرورية الغير متناهية ، أضحكني أحد الأصدقاء عندما خرج ممتعضاً بعد صلاة العيد ليقول " الإمام يقول أن العمانيين يعيشون في رغد وأن لديهم في بيوتهم ما يكفيهم لأسابيع بل لأشهر و "هلكنا الإمام " بكلمتي الأمن والأمان التي كررها عشرات المرات ، فليأتي ذلك الإمام لبيتي ليرى حقيقة الأمور كفانا شعارات ، فأنا لن أبتاع الأكل بمبلغ وقدره كذا أمن ولن أدرس أبنائي وألبسهم بمبلغ قدره كذا أمان ، ولن أبني منزلاً بملبغ ثلاثين ألف أمان !! من أي كوكب أتى هذا الإمام " أذكر حينها أجبته " بل أنا أطلب منك أن تذهب معه إلى منزله لترى حقيقة الأمور " سبحان الله كيف لأحد حمل أمانة الإمامة يتحدث بشيء بعيد كل البعد عن الواقع !! نعم هنالك من يعيش في رغد من العيش لكن كم نسبتهم مقارنة بمن يعيشون في فقر أو ما يسمونهم لدينا بالطبقة الوسطى !! أنا شخصياً لدي معارف لا يجدون ما يقتاتون به إلا " العيش والفاصوليا " بشكل يومي فلا يجدون مالا يشترون به أي نوع من أنواع اللحوم !!
أخيراً .. هنالك الكثير والكثير من الموضوعات التي يجب على الخطب والندوات تناولها ، كفانا خطب أكل عليها الدهر وشرب ، الشباب يحتاج لخطب وندوات تلامس واقعه واحتياجاته تحاكي تفكيره ومستواه ، هل سمعتم عن عقد ندوات تناقش مشاكل الشباب المعيشية والاقتصادية ؟؟ أين كانت الندوات عندما بدأت النساء بخلع الحجاب وعندما بدأ الشباب بلبس ملابس فاضحة !! أين وأين و أين !! الشباب يريد الحياة الكريمة والتطوير الحقيقي بعيدا عن الشعارات الرنانة الغير واقعية ، فمتى تحقق ذلك هدأت النفوس والأوضاع بكل تأكيد .
سعود الفارسي
12/11/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق