سموم
بسعر السوق !!
سؤال ما
انفك يصول ويجول في ذهني !! ماهي أنواع السموم التي كان " يلقمنا "
إياها الوافدون وبعض التجار العمانيون خلال عشرات السنوات الماضية ؟ أعتقد أن
أغلبكم يتبادر إلى ذهنه هذا السؤال ولكن هل ياترى وجد أيٌ منكم الإجابة ؟ لا أظن
.. ليس لأنه ليست هنالك إجابة .. بل لأنها ستكون قاسية جداً لن تستطيع عقولنا
تقبلها !! أن يتم خلال شهر أو إثنين ضبط كل تلك الكميات من السموم .. أوه أقصد
الأغذية المنتهية الصلاحية فهذا دليل غير قابل للنقاش على أن الحبايب كانوا
يرتكبون تلك الجرائم في حق العُمانيين منذ زمن بعيد بل ربما من اليوم التالي
لدخولهم عمان !! دعونا نستعرض قليلا بعض مما تم ضبطه مؤخراً .. مليوني علبة تقريبا
من حلويات وسموم الأطفال .. عشرة آلاف كيلوجرام سمك فاسد " خايس " ،
آلاف العلب من منتجات الألبان الفاسدة ، ثمانمائة كيلوجرام من الأغذية الفاسدة
التي تعد من قبل غير المرخص لهم في منزل ، ألف وستمائه وعشرون كيلوجراما من لحوم
الجاموس !! وغيرها الكثير والكثير والكثير !! الله المستعان !! كيف كان الحال
ياجماعة الخير قبل وجود هيئة حماية المستهلك !! بالمقابل أين كانت وزارة الصحة من
حالات التسمم التي كانت تحصل !! هل تريدوا أن تقنعوني بأنه لم تكن هنالك بالسابق
أي حالات تسمم نتيجة كل هذا الفساد الغذائي ؟ أولم تكن هنالك أية تقارير ترفع ؟
واين كانت كل تلك المدة فرق التفتيش التابعة للبلديات ولوزارة التجارة وباقي
الجهات ؟؟ بصراحة .. لأول مرة أعلنها بأني ربما لا أعي ولا أفهم ما أكتبه وأخطه
وأشخبطه هنا !! أو ربما يكون فوق مداركي المتواضعة !!
أصدقائي
.. أن يظهر رجل بمكانة ومنصب رئيس الهيئة العامة لحماية المستهلك بالتلفزيون
الحكومي ويصرح أن القوانين غير رادعة وغير كافية ولا تحقق المنشود منها وأن من
أسباب المشاكل الفعلية في الساحة التجارية العمانية أن كثير من التجار هم من أصحاب
السلطة والنفوذ وأنهم لن يسمحوا بوجود قوانين رادعة وتضمن التنافسيه بقوله " الاشكاليه
عندما يكون صاحب السلطه هو صاحب المال والتاجر!! " فهذا أمر جلل يجب الوقوف عليه بجدية !! من هو هذا
التاجر " المعضل " القوي ذو السلطة الذي يجرؤ على أن يتحكم بمصير مليوني
مواطن عماني وهو فرد واحد أو مجموعة من الأفراد قد لا تتجاوز العشرة !! أعتقد أن
المشكلة اعمق بكثير مما طرح وأعتقد أن الرجل فعلا يواجه ضغوطات وعراقيل ومطبات بل
وربما وأقول ربما توجه له تهديدات !! من يدري !! فليس كل معلوم يقال !! وكذلك قوله
أن الإحتكار الفعلي موجود فهذا طبيعي جدا .. فهنالك نوعان من الاحتكار أولهما
احتكار قانوني بأن يمنع القانون المنافسة أساسا بحيث يكفل للتاجر المستورد والموزع
لسلعة ما من وجود أي منافس له ، والنوع الثاني من الاحتكار يسمى بالاحتكار الفعلي وهو
بأن يتمكن التاجر من خلال قوته المالية وسطوته ونفوذه من منع قيام أي تاجر آخر
ليمارس أعمالا تجارية في ذات المجال بل وبإمكانه تحطيم ذلك التاجر اقتصاديا اذا
مافكر مجرد التفكير في ممارسة ذات المجال !! وبالتالي فإن التاجر البسيط لم ولن
يجرؤ على الدخول في معركة تجارية غير متكافئة الأطراف، وطبعا وجود الاحتكار
القانوني في بلد ما لفترة طويلة من الزمن من شأنه تأمين إحتكار فعلي للمحتكر
وبالتالي يصبح محتكراً لها فعليا وإن تغيرت قوانين المنافسة وسمحت بالمنافسة بعد
ذلك !! فالإحتكار تحول من احتكار قانوني إلى فعلي !! فما بالك إذا ماكان المسؤول
الذي كانت من مهمته حماية المستهلك في فترة ما هو نفسه صاحب الوكالات التجارية
والمحتكر الفعلي بالسوق !! هل " يقلع " الانسان عينه بإصبعه !! وهل من
بيده القلم يكتب على نفسه الشقاء !! السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبغض النظر عن كفاية
التشريعات كيف يمكن فعليا كسر ذلك الاحتكار على أرض الواقع !! فالأمر أصبح اكثر
عمقا من تعلقه بتشريعات منافسة واحتكار !!
والنقطة
الموضوعية التي تطرح نفسها بل و " تسدح " نفسها بساحة هذا الموضوع .. هو
كيفية دخول كل تلك المواد الفاسدة إقليم الوطن !! هل ياترى أن هنالك من هو متورط
من موظفي بعض المؤسسات الأخرى وبالتالي يكون شريكا في تلك الجرائم !! عندما نتحدث
عن تهريب صندوق أو إثنين فربما نقبل مسألة الخطأ وعدم الانتباه .. ولكن عندما
نتحدث عن ملايين العبوات وآلاف الكيلوجرامات فأعتقد أن الموضوع فيه " إن
" وجميع أخواتها وربما بنات عمها كذلك !! فهل ياترى سيتم تتبع خيوط تلك الجرائم أم أن تلك الخيوط انقطعت
بمجرد مصادرة المضبوطات وتقديم " كمين راس " لعدالة القضاء !! أم أن
الخيوط أصبحت جداً متشعبة وبالتالي فإنها بالنسبة لجهات الاختصاص كخيوط العنكبوت
التي نسجتها لتشكل بيتاً مما جعل من تلك الخيوط تتشابك وتتداخل وتتعقد وبإمكانها اصطياد
أي كائن يحاول المرور من خلالها !!
أهم
سؤال يجب أن نطرحه ونناقشه ونفكر فيه بصوت عالٍ .. هو .. كيف أصبح الغرباء يتجرؤون
على بلادنا بكل تلك " الوقاحة " !! أعتقد أن الكثير منا عندما كان على
مشارف السفر للدراسة بالخارج سمع عبارة " يا غريب كُن أديب " من قبل
أهله وجماعته .. مامعناه أنك يافلان ذاهب لبلد غير بلدك لتدرس وتستفيد وترجع بعدها
، وبالتالي فإنه يجب عليك " أدباً " أن تحترم تلك البلاد التي ستعلمك وتحترم
قوانينها ومواطنيها وألا تدخل في مشاكل مع أحد وأترك أثراً طيبا وسمعة حسنه فأنت
لا تمثل نفسك هناك بل تمثل وطنك ومجتمعك وبيتك ! في حين أن من استضافتهم الحبيبة
عمان ردوا على ذلك الجميل بأن أثروا وأصبحوا من أصحاب التجارة الرائجة وكسبوا
الملايين وعمروا الفلل والقصور والبنايات في موطنهم من الأموال التي حصل عليهم
بعضهم من بيع السموم وغش المواطن المسكين .. كيف تجرأ أولائك الثلة على استغلال
طيبتنا وسذاجتنا .. وربما حماقتنا في كثير من الأحيان !! هل ياترى أن بداخلهم
عقيدة بأن القوانين في عمان غير رادعه !!
هل ياترى لقناعنهم أن بعض الجهات الرسمية أو بعض موظفيها لا يقومون
بواجباتهم على أكمل وجه وبالتالي لن يكتشفهم أحد ؟ هل يعرفون أننا شعب متسامح
ورحوم وعطوف !! هل ياترى أنهم " يعتقدون " أن لديهم ظهراً ونفوذا يستطيع
إخراجهم من مشكلاتهم القانونية مثل الشعرة من العجين !! وهل وهل وهل !! لا ادري ..
هنالك أسئلة كثيرة ولكن أكثرها مؤلم .. وانا أناني جداً عندما يتعلق الأمر بالألم
!
تعودت
شخصياً أن تكون مدة الفلم الهندي خمس ساعات على الأكثر .. لكن يبدوا أن هذا الفلم
مختلف من نوعه عن سابقيه فهو مستمر كما يبدوا منذ عشرات السنين ولم ينتهي حتى الآن
ولا يبدوا أنه سينتهي في القريب العاجل ، لكن دعونا نتابعه ونتابع أحداثه لنرى من
هو البطل الحقيقي هذه المرة !! وهل سينتصر فيه هذا البطل المغوار على نسق باقي تلك
الأفلام ؟؟!!
أخيراً كلمة
شكر أوجهها لأحبتنا بالهيئة العامة لحماية المستهلك وعلى رأسهم الرئيس على جهودهم
الملموسة التي لا يستطيع أي منا نكرانها وعلى وضوحهم وصدقهم وإخلاصهم ووطنيتهم ،
واقول لهم تأكدوا أننا جميعا معكم ونؤيدكم بقوة فلا تترددوا في الحق ولا تخشوا في
الله لومة لائم .. أثبتم أنكم تعشقون الوطن ومن يعشق الوطن فنحن نعشقه ، كما أود
التأكيد مراراً وتكراراً على أن ما أقوله في مقالي هذا هو " ربما " و
" ربما " و " ربما " .. فسامحوني فان فهمي على قدي !! واستغفر
الله إن كنت قد أخطأت !! وتذكروا أن من اجتهد وأصاب فله أجران .. ومن إجتهد وأخطأ
فله أجر واحد .. فعسى أن ينوبنا من "الأجر" جانب .
سعود
الفارسي
8/2/2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق