شخبطات .. وأشياء أخرى !!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أصدقائي ..

أشكركم على زيارة مدونتي " عماني .. حالم " .. متمنياً لكم قراءةً ممتعةً مفيدةً بإذن الله ..وأعلموا أن ما أخطه ماهو إلا مجرد " شخبطات .. وأشياء أخرى " كانت نتيجة لاستمرار التوهان في جنبات الكلمات ودهاليز العبارات .
أخوكم / سعود الفارسي

معلومات عني لا تهمك : مستشار قانوني - مدون - كاتب - باحث دكتوراه ببريطانيا .

ملاحظة : لا يظهر في الصفحة الرئيسية سوى عدد محدود من المقالات..للإطلاع على باقي المقالات يرجى الضغط على الرابط " رسائل أقدم " الموجود بأسفل هذه الصفحة .

الثلاثاء، 19 مارس 2013

واقع معاق !!


واقع معاق !!

 

   يعرف المعاق بشكل عام بأنه من أصيب  بنقص أو قصور عن الإنسان السوي في بدنه أو عقله ، وبالتالي فإنه يعد معاقا وفقا لهذا التعريف كل من فقد نظره أو سمعه أو جزء منهما ومن فقد أحد أطرافه او كلها أو فقد القدرة على الإحساس بها أو بجزء منها وبالتالي لا يستطيع تحريكها ، وكذلك من فقد جزء من عقله بحيث يصبح مستوى التفكير والإدراك لديه أقل من الشخص الطبيعي ، كما أن الإعاقه بحد ذاتها بها درجات ، فهنالك إعاقة بسيطة كالقصور في أداء أحد الأجهزة بالجسم كاليد اليسرى مثلا ، وإعاقة شديدة والتي قد يصل فيها المعاق لمرحلة الشلل الكلي بحيث يبقى مستلقيا على الفراش طوال عمره ، ولذلك فإن المعاق عادة يحتاج إلى عناية خاصة للاهتمام بنفسه وصحته ونظافته وأكله وحركته ، كما يحتاج إلى الكثير من التسهيلات حتى يستطيع ممارسة الحياة اليومية بشكل معتاد وسلس ليكون مثله كمثل الشخص الطبيعي ، ومن خلال هذه الفلسفة ومن خلال الإيمان بأن المعاق هو أحد لبنات المجتمع ولا يقل في أهميته عن الشخص السوي الطبيعي تقوم حكومات الدول بتقديم مختلف التسهيلات اللازمة لتسهيل ممارسة المعاق لحياته اليومية ، فمثلا الذي سبق منا وأن زار بعض الدول الأوروبية سيجد أن هنالك تسهيلات خاصة للمعاق في الخدمات العامة ، فباصات النقل العامة مهيئة بحيث تنزل للأسفل بما يمكن المعاق من صعودها بكل يسر وسهولة ، وإشارات المرور للمشاة بها صوت خاص بحيث يعلم الأعمى متى تكون الإشارة خضراء فيقطع الطريق بكل يسر وأمان ، كما أن المباني الحكومية مهيئة بداية من مداخلها لدخول المعاق حركيا إليها بيسر وسهولة كذلك ، ولماذا نضرب مثلا قاطعين آلاف الكيلومترات ، فلننظر إلى دول الخليج الأخرى ، ستجد أن هنالك مدارس خاصة لذوي الإعاقة ليتمكن من التعلم والتطور واكتساب المهارات الحياتيه ، فالمعاق يحتاج لمناهج خاصة وكتب خاصة معدة بشكل خاص بل أن المصابون بالعمى يحتاجون لكتب مكتوبه بطريقة برايل حتى يتمكنون من قرائتها ، كذلك ستجد أن حكومات تلك الدول تقدم لهم الإعانات المالية اللازمة لتوفير حاجاتهم الأساسية ، فشديدي الإعاقة على سبيل المثال يحتاجون إلى شخص يوليهم الإهتمام طوال الوقت فهم يحتاجون إلى تغيير الحفاظات بين الحين والآخر ويحتاجون إلى الإطعام بشكل معين وبوسائل خاصة ، وغيرها الكثير ، لذلك تجد أن تلك الحكومات توفر لهم ممرضة أو عاملة على حساب الدولة إضافة إلى توفير كل المستلزمات الأخرى من سرير طبي وأدوات صحية وملابس خاصة بمواصفات خاصة سهلة الإستبدال وغيرها من مستلزمات وتجهيزات .

بالمقابل ، تعال لنستعرض وضع المعاق لدينا بالسلطنة ، وأعتقد أنه ليس هنالك أفضل من ضرب بعض الأمثلة الحية الواقعية مما سيغنينا عن كثرة الحديث وكثرة القيل والقال وماقد يقوله البعض من أن مايكتب ومايقال ماهو إلا تهويل ونظرة تشائمية صرفة ، دعوني أبدأ بقصة عبدالرحمن ، عبدالرحمن طفل ولد ببعض المشكلات كوجود فتحات في القلب وإعاقة عقلية ، وعندما حانت لحظة دخوله للمدرسة فوجأ أبواه بعدم وجود مدارس خاصة للمعاقين بمحافظتهم ، وبعد بحث هنا وهناك علموا عن إحدى المدارس الخاصة المفتوحة على حساب أحد رجال الأعمال المعروفين في البلد فتوجهوا إليها لإلحاق عبدالرحمن للدراسة بها ، وبعد انتهاء السنة الأولى علموا عن مايسمى بـ "فصول الدمج " وهي فصول تخصص بمدارس عادية محددة مخصصة لخدمة ذوي الإعاقة بالولايات القريبة ، ولكونهم من صحم فقد كان أقرب فصل لهم بصحار ، وفعلا تم إلحاقه بأحد تلك الفصول ليبدأ من التمهيدي والآن هو بالصف السادس ، الغريب أن عبدالرحمن خلال الست سنوات الماضية لم يحصل على كتاب دراسي واحد وأهله لا يعلمون ماهي آلية تعليمه ، فهو يذهب في الصباح إلى المدرسة ويعود بعد الظهر دون وجود استفادة علمية حقيقية ، الشاهد أن تلك الفصول موجودة بالمدارس الحكومية العادية وكما نعلم بأن المعاق عقليا أو حركيا يحتاج إلى تجهيزات خاصة فهل تتوافر تلك التجهيزات في المدارس العادية !! وهل تم الالتفات إلى المضايقات التي قد يتعرض لها المعاق من قبل الأطفال الأصحاء ! والسؤال الأهم ماهي المناهج المعدة وأين هي الوسائل التعليمية والكتب وهل المعلمين القائمين على العملية التعليمية مؤهلين لذلك أم أنهم من المعلمين العاديين ممن أعطوا تاهيلا بسيطا في ذلك  ؟!

 

شخص آخر تخرج بتفوق من الجامعة من كلية الحقوق تحديدا بمعدل إمتياز مع مرتبة الشرف بل كان الأول على دفعته  بالرغم من أنه كان يعمل في شركة خاصة أثناء فترة دراسته بالكلية ، وكان هو الأجدر بأن يتم تعيينه كمعيد في تلك الكلية ، ليتفاجأ أن إدارة الجامعة قامت بتعيين شخص آخر في تلك الوظيفة دون أي مبرر ؟!   

  

شخص ثالث توجه إلى الجهة المختصة بتوزيع عكازات المعاقين ليستلم عكازه في الموعد المحدد لذلك ، فإذا بالموظفة تقول له " ليش جاي ! ماشوف عكازك منكسر !! " .. عجيب .. وهل ننتظر حتى ينكسر عكازه ليأتي المعاق زحفا ليستلم العكاز الجديد !

 

شخص رابع من ذوي الإعاقة الحركية إلتحق بالعمل بإحدى شركات القطاع الخاص التي تدار فعليا والمسيطر عليها من قبل احدى الجنسيات الآسيوية المعروفة ، ليتم تحديد مكان مكتبه بأحد الأدوار العليا مع عدم توافر مصعد مما يضطره لصعود درج حديدي غير مهيأ تماما للمعاقين !

وقصة أخرى حصلت معي شخصيا عندما كنت عائدا بالطائرة من الكويت ، حيث قدر أن يكون مقعدي بجوار فتاة عمانية صغيرة في العمر وقد عرفت منها أنها تدرس بإحدى المدارس المخصصة للمعاقين هناك منذ أن كانت بالصف الأول الابتدائي وأن هنالك العشرات من الطلبة العمانيين المعاقين يدرسون معها ، وانها في تلك اللحظة كانت في الصف الثاني عشر ! مايعني انها كانت تعيش في غربة منذ أن كان عمرها لا يتجاوز السبع سنوات !  

طبعا ما ذكرته أعلاه ماهي إلا قصص اعرفها شخصيا وماهي إلا جزء يسير جدا من واقع مرير يعيشه المعاق ببلدنا ، أنا لا أقلل ولا أقزم من المساعي التي تقوم بها الجهات المعنية في عمان تجاه هذه الفئة ، إلا أني أقول بأننا مانزال ندور في المراحل الأولى وعلينا العمل بجد أكبر وبشكل أسرع لتيسير الحياة لهذه الفئة من المجتمع ، دعونا من الشعارات الرنانة والكلام المعسل الذي تصرح به الجهات المعنية في وسائل الإعلام المختلفة ، فالواقع في أحيان كثيرة يثبت عكس ذلك ، وهنالك العشرات من الأسئلة التي تثار على مستوى الساحة العمانية هنا وهناك .. أهمها :

-       لما لا تكون هنالك مدارس خاصة لذوي الإعاقة في كل محافظة من محافظات السلطنة تكون مجهزة بالأجهزة والأدوات اللازمة لخدمتهم ؟

-       لما لا يتم صرف معونة مالية وإن كانت بسيطة لتلك الفئة على الأقل تساهم في رفع التكاليف الكبيرة التي تتكبدها أسرهم ، فاحتياجات المعاق كثيرة ومكلفة .

-       لما لا يتم توزيع احتياجات المعاق من عكازات وغيرها على منازلهم ؟ هل العملية ستكون مكلفة ؟ أولا يستحق المعاق ان تتحمل الدولة تكاليف التوصيل مقابل أن تسهل له حياته ؟ خصوصا تلك الفئة الغير عاملة أو غير القادرة على العمل ؟ أو على الأقل أن تقوم بإرسالها مع باقي الأدوية بسيارة الصحة لأقرب مركز صحي لمسكن المعاق .

-       لما لا يتم توفير ممرضات أو عاملات لفئة شديدي الإعاقة تتحمل تكاليفهم الدولة ؟ أو على الأقل تتحمل جزء من تلك التكاليف .

-       لما لا تساهم الدولة في تهيئة غرف خاصة للمعاقين في منازلهم تتناسب ووضع كل معاق لتسهيل الجوانب الحياتية اليومية بالنسبة لهم ؟

-       لما لا يتم إنشاء أندية خاصة للمعاقين في كل محافظة من محافظات السلطنة ، فقد أثبت المعاقون تميزهم في الرياضة في مختلف المحافل الدولية ، ومايحققونه من مراكز متقدمة لهو خير دليل على ذلك .

-       لما لا يتم توفير أعمال ووظائف تتناسب ومؤهل كل معاق ووضعه الصحي وطبيعة إعاقته ؟ فالعمل حق لكل إنسان ، لا سيما وأن الكثير منهم يحمل شهادات عليا ومؤهلات جيدة ، دون التذرع بعدم رغبة المعاقين في العمل .

-       لما لا تحدد نسب من البعثات المخصصة للداسات العليا لفئة المعاقين مما قد يشكل دافعا لهم للتطور والتميز ويعينهم على خدمة الوطن بشكل أفضل .

       

سعود الفارسي

19/3/2013م
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق