إلى أولائك الأقوياء الجبابرة !!

إلى أولائك الأقوياء الجبابرة !!

مائة وأربعة وستون شخصاً غامروا بدخول الأودية !! هل هذا الرقم يعني أن مائة وأربعة وستون شخصا كلهم لا يملكون العقل أو الإحساس بالمسؤولية ؟! شخصيا يمكنني أن أتصور حجم المغامرة والجهد الذي يجب أن يبذل لإنقاذ شخص واحد من الغرق في أجواء صعبة ماطرة بغزارة !! فما بالك بمائة وأربعة وستون شخصاً !! ماهذا الجنون !! الأرصاد الجوية تحذر " برجاء أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية " ، الإذاعة والتلفزيون تحذر !! الكل يحذر !! وفي المقابل ، وبالجهة الأخرى من الكوكب حيث يعيش بعض البشر تجدهم يضحكون ويسخرون من تلك التحذيرات ، بل أن بعضهم يقول " كيف شباب يلا رحلة " !! ورحلة إلى أين ؟؟ إلى مصاب ومجاري الأودية !! ياسلام !! كم هي جميلة تلك الرحلة الأخيرة في الحياة ! لكن رجاءً لا تنسوا توديع الأهل والأحباب وكتابة وصاياكم ! وبالمقابل كذلك نجد تلك اللقطات من الصور التي يظهر فيها مجموعة من الأطفال يلعبون " لوحدهم " على جذع نخلة " بالوادي "  وكأنهم يركبون زورقا أو قاربا !! السؤال الذي استوقفني هنا .. أين هم أهالي هؤلاء الأطفال !! أخشى ما أخشاه أن الذي إلتقط تلك الصور هو نفسه ولي أمرهم ومن أركبهم على ذلك الجذع !! ماشاء الله .. مصور بارع .. صفقوا له !! 

وصلتني أيضا صورة أخرى يظهر فيها مجموعة من البشر يركضون هربا من الوادي المتجه ناحيتهم !! لا تظلموهم ياجماعة .. ليسوا هم المخطئين .. ربما كانوا يستمتعون بوقتهم والوادي هو من تعدى عليهم !! كان من المفترض من الوادي أن يتوقف إلى حين انتهائهم من " رحلتهم " ومن بعد أن يتأكد من خروجهم من مجراه يواصل تدفقه !! يالوحشية ذلك الوادي الذي لا يراعي متعة رواده !!

إلى متى ونحن نعاني من فقد البعض نتيجة تهور وعدم إحساس بالمسؤولية !! ولما يتحمل أفراد أبرياء من مواطنين وموظفين ببعض الجهات المختصة كهيئة الدفاع المدني وشرطة عمان السلطانية نتيجة استهتار البعض معرضين أرواحهم وسلامتهم للخطر !! أنا لا أعمم هنا فالبعض فعلا يقع في مواقف كهذه رغما عنه ، إلا أني في مقامي هذا اتحدث عن أولائك المغامرين الجبابرة الأقوياء أصحاب العضلات والسيارات الخارقة التي لا " تهزها ريح " ! أولائك الذين يسخرون من التحذريات ويرمون بها تحت إطارات مركباتهم ! وإذا غرق أحدهم لا سمح الله أو كان في موقف من الصعب جدا إخراجه وجهت أصابع الإتهام للدفاع المدني والشرطة بالتقصير ! وأؤكد أنا لست بموقف الدفاع هنا عن أحد إلا أن الحق يجب ان يقال وإن لم يعجب البعض !

أخيراً .. كلمة أوجهها لكل ولي أمر مسؤول عن الأرواح التي في أمانته ، عليك أن تحرص وتحافظ على تلك الأرواح  ولا تستهتر .. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ! وان تنتظر قليلا إلى حين انخفاض منسوب الوادي وعدم التوجه بأطفالك إلى مصاب الأودية إلى حين استقرار الأوضاع الجوية خير لك من ندم مابعده ندم !! والكلام أيضا موصول إلى أولائك الجبابرة الأبطال .. نعم أنتم أقوياء " ماحد يروملكم " .. لكن رجاءً .. دعوا قوتكم لكم .. ولا تعرضوا حياة الآخرين للخطر في سبيل إنقاذكم .. فإن كانت انفسكم رخيصة عليكم فإن أنفس الآخرين ليست رخيصة بكل تأكيد .

وكما يقول الحديث الشريف فإن " من لا يشكر الناس لا يشكر الله" .. فألف تحية لرجال الهيئة العامة للدفاع المدني ولرجال شرطة عمان السلطانية و للأرصاد الجوية وللإذاعة والتلفزيون ولإولائك المواطنين الذين يضحون بالكثير ويعملون ليل نهار في سبيل إنقاذ الأرواح ، فألف شكر لكم يارجال عمان .               

سعود الفارسي

27/4/2013م