سحقاً
.. للمتاجرين بالوطن !!
أحياناً .. يجد
الإنسان نفسه في مواقف كثيرة عاجزا عن الحديث أو التعبير عما في نفسه ، كما هو
حالي الآن في هذه اللحظة ، بصراحة ، لا أعرف ماذا أكتب وماذا أقول !! أصبح الواحد
منا لا يثق في أي شيء يحيط به ، فكلمة " مغشوش " أصبحت واردة ومتداولة
جدا ، وكل شيء أصبح محلاً للشك ! ليس منا من لم يعرف ويتابع قضية الحلويات
المغشوشة ، وبعدها بأيام اللبن والحليب واللحوم الفاسدة ، وكما يقال فإن حلقات
السلسلة ترتبط ببعضها ، عليه فإن مسلسل الفساد والغش أصبح يكشف بعضه البعض شيئا
فشيئا ، وهاهي فضيحة " غش " جديدة تطفوا على السطح وهي لن تكون بكل
تأكيد الفضيحة الأخيرة ، فالتراكمات كثيرة ، والنفوس الضعيفة الأنانية المحبة
للريال الخانعة للشهوات تقودها شياطين الأنس للمتاجرة بأنفس البشر وأرواحهم ، ولم
يقتصر الأمر على الإحتكار والغلاء وغش الكبار ، بل امتد لغش الجميع ، حتى براءة الاطفال
لم تسلم ، بل حتى الحيوان تضرر بسبب آفة الغش المتفشي !
واليوم هاهو خبر جديد يتحدث عن " اسمنت
" مغشوش ! لكن عزيزي القاريء قد لا
يكون الغش هذه المرة مرتبط بالجودة أو السلامة ، لكنه بلا شك مرتبط أرتباطا مباشرا
بالوطنية والأمانة ، أتعرف لماذا ! لأنني كمواطن أبحث عن المنتج الوطني كوني أثق
في جودته وكذلك دعما له وتقيدا بذلك الشعار الرنان الذي أطلقته الجهات المعنية
والذي يقول " المنتج العماني اختياري الأول " ، عليه فإنني أفضل شراء
ذلك المنتج لكونه " عماني " ، ولكن للأسف فإن ضعاف النفوس والقلوب بل
والأخلاق استغلوا هذا الواقع وبدأوا يتاجرون بالوطنية من خلال تعبئة الأكياس بمنتج
مصنوع في بقاع أخرى من العالم وختموها بختم " صنع في سلطنة عمان " أو " Made in Oman " بالـلغة
" العنجريزية " !!
سحقاً
لأولائك التجار الذين لم يتركوا شيئا إلا وعاثوا فيه فساداً .. إبتداءً من غذائنا
حتى منازلنا ! أغذيتنا فاسدة .. اسمنتنا مغشوش .. مراهقونا مستهدفون من بائعي
المخدرات والمتعة الجنسية ! ماذا بعد
وماذا تبقى !!
كل
ماسبق هو جرمٌ في حق الوطن والإنسانية متى ارتكب من قبل تاجر عادي ، فما بالك إذا ماكان
من بين المتورطين في أي مما سبق أحد المسؤولين!! طبعا سيكون الوضع أسوأ وأكثر
إيلاماً إذا ماكان من بين المتورطين أحد ممن إئتمنهم الوطن وجلالة السلطان على
البلاد والعباد !! ممن تم اختياره من بين أكثر من مليوني مواطن ليتحمل أمانة العمل
من أجل الوطن ! فأي جريمة في حق الوطن أكثر من الإساءة لتلك الأمانة التي أسندت
إليه ، وأي الم ذلك الذي يصيبنا ونحن نرى أن بعض المؤتمنين هم من يسيئون الى الوطن
ويرتكبون أسوأ الجرائم في حقه مستغلين لما بين يديهم من صلاحيات خولها إياهم
القانون لخدمة الوطن لا لخدمة مصالحهم وجيوبهم !! الشاهد من كلامي هذا هو ذلك
الخبر المنشور في " الزمن " والذي يقول نصه "ومن بين المتهمين في
القضية التي من المقرر أن تكون أمام الادعاء العام أعضاء مجلس الإدارة التي يرأسها
مسؤول سابق " طبعا المسؤول معروف ولا داعي لذكره بما أن القضية ما زالت منظورة لم يصدر فيها حكم ، لكن أن يجعل المسؤول من نفسه محلاً للشبهة أعتقد بأنها في حد ذاتها تفقده المصداقية والثقة ! فما بالك إذا كان هذا المسؤول ممن يدور حولهم حديث الشارع وعن مدى " تربحهم " وبشكل شبه يومي ! أضف إلى ذلك فضيحة " أراضي الدقم " والتي يقول خبرها أن " أكثر من 20 متهما من بينهم وكيل وزارة سابق وأمين عام سابق وموظفين بوزارتي ... وذلك لإساءة استعمال السلطة في توزيع أراضي الدقم " ، وقبلها كذلك القضية المشهورة " رمال بوشر " !! للأسف فكل هذه القضايا كان من بين المتهمين فيها بعض من المسؤولين السابقين !! وهذا هو المعلوم فقط والله العالم بـ " المستور " !
إن
استغلال المسؤول لصلاحياته القانونية لتحقيق مآرب شخصية وملأ جيوبه وسدت سيارته ورف
مكتبه لهو أكثر بطشاً بالوطن من أي شيء آخر ، وهو أمر من شأنه خلخلة المنظومة
الإدارية بالوطن وهز الثقة فيها ، وقد يؤدي إلى إنتشار الفساد الإداري في الجهاز
الإداري، فالموظف البسيط الذي لا يتجاوز راتبه بضع مئات من الريالات ويتعامل مع معاملات
من الفئات المليونية ، ويرى مسؤوله غارقاً في التجاوزات والمخالفات قد يسلك ذات
الطريق ومن ثم تميع الأمور والإجراءات وينخر الفساد في الهيكل الإداري فتضيع
الحقوق ويصبح التربح هو المبدأ ، فالبيت الذي لا أساس له مهدد بالإنهيار !
إزاء
ذلك كله ، ورحمة بالوطن ، أرى بأن الوقت قد حان للضرب بيد من حديد كل من سولت له
نفسه من المسؤولين بإرتكاب جرم تجاه الوطن والموطن ، كل من سولت له نفسه إلى خيانة
تلك الأمانة التي أئتمنه عليها حاكم البلاد ، يجب الآن ، الآن وليس غدا ، أن يطبق
القانون على أولائك المسيئون لتراب هذا الوطن وإيقاع أقصى العقوبات عليهم ، بل إني
أرى بأنه يجب أن تطبق عليهم عقوبات أشد واغلظ من تلك المطبقة على الناس العاديين ،
وإذا كانت العقوبات الحالية غير كافية تراجع وتعدل وتغلظ ، فالوطن غالي وترابه
مقدس ، واليد التي تتجرأ على المساس بقدسية هذا التراب وجب قطعها وتعليقها ببوابة
مسقط ، ليكون صاحبها عبرة لغيره من أولي الألباب وعبرة لمن لا يعتبر .
سعود
الفارسي
13/5/2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق