طريق الباطنة الساحلي ... شتت شملنا!!!
عنوان المقال هو عبارة قالها لي أحد المتضررين من مشروع طريق الباطنة السريع ، حيث كان يحدثني عن مأساتهم !! فبيتهم الذي سيلحقه " القص " يأوي ما يقارب الأربع عائلات بالإضافة إلى والدته الأرملة ... أربعة من إخوانه متزوجون ولهم أبناء وبنات كم تتوقعون أن يكون عددهم ؟؟!! فالمنزل الذي يسكنونه يعتبر بالنسبة لهم " البيت العود " الذي تجتمع فيه العائلة بأكملها في المناسبات والجمع ... والتعويض الذي حصلوا عليه لا يكفي لبناء منزل يكفي لعائلتين فما بالك بأربعة عائلات إضافة إلى الأم ؟؟!! وما يغيض أكثر – على حد تعبيره – أن بيتنا أول خط على الشاطئ فهل يكون تعويضنا كتعويض من يبعد بيته كيلومتر عن البحر !!
حقيقة استوقفني هذا الموضوع عدة مرات إلى أن أثار صاحبي هذا الشجون من جديد في نفسي ، لا يختلف اثنان منا على أهمية السياحة والتجديد في تخطيط المدن لا سيما إذا ما عرفنا بأن أغلب " حارات " منطقة الباطنة القديمة بل وحتى الحديدة تفتقر إلى شيء اسمه " تخطيط " وتقوم كلها على شكل عشوائي لدرجة أنك لا تجد طريقا للوصول إلى بعض المنازل بالسيارة .. ولكن كان حريا بالحكومة توخي العدالة في مسألة التقييم والتثمين وإعادة التوزيع ، فالملاحظ أن ذلك قد تم بشكل كبير جدا بعيدا عن الواقعية ... فكيف يتم المساواة في التعويض بين من يقع منزله مباشرة على الشاطئ وبين من يقع بيته بالخط السادس أو حتى العاشر !! هل يعد معيار القيمة المادية للمبنى معيار عادل للتقييم ؟؟ لا اعتقد ذلك .. فالقيمة المعنوية جديرة أيضا للنظر إليها ، فمن يفتح بابه في الصباح الباكر ليرى منظر البحر الرائع ومن يعتمد على البحر في الحصول على قوت يومه ليس كمن يبعد منزله عن البحر مئات الأمتار أو حتى كيلومترات !! والكل يعلم بأن من يرغب في شراء ارض على الشاطئ يجب أن تكون ميزانيته مختلفة عمن يرغب في شراء ارض في " السيوح " مثلاً !! كذلك يجب إعادة النظر في الجوانب السلبية لإبعاد الصيادين بشكل عشوائي عن مصادر رزقهم ومدى انعكاس ذلك على حياتهم وقوت يومهم وكذلك على الاقتصاد العام خصوصا إذا ما تسبب ذلك في دفع الصيادين إلى البحث عن مصادر رزق أخرى غير البحر فكيف سينعكس ذلك على توفير الثروة السمكية في الأسواق !!
من جانب آخر .. أن يتم توزيع قطع الأراضي التعويضية بشكل عشوائي أمر جانبه الصواب ، وكان من المفترض أن يتم مراعاة مسألة المحافظة على الروابط الاجتماعية بحيث ينقل الناس بترتيبهم الحالي الجار بجانب جاره ، فكم من أخ يقول أبعدوني عن أخي أعطوني أرضا بعيدة عن أرضه مع أننا كنا جيرانا سنين طوال وأولادي تربو مع أولاده !! وليس لدي مثال استشهد به هنا أكثر من أبي وأمي – الله يحفظهما – فقد اضطروا لشراء منزل بمنطقة بعيدة عن تلك الحارة التي عاشوا فيها أجمل سنين عمرهم مبتعدين عن أهلهم وجيرانهم وأحبائهم بل وحتى ماضيهم وسكيك الحارة التي لطالما مر بها والدي وهو متجه إلى المسجد وراجع منه !!!
كذلك هناك تساؤل يتداول بين شرائح المجتمع بمختلف توجهاتها وأعمارها .. هل يا ترى بعد أن يتم نقلنا سيأتي اليوم الذي سنرى فيه شاليه الشيخ " فلان " أو استراحة معالي أو سعادة " فلان " أو قصر " علان " مكان منازلنا !! عن نفسي حقيقة لا أتمنى ذلك ... لأنه لو حصل ذلك فعلا فإن سوء النية مباشرة هي التي سوف نقتنع بها ... خصوصا وأن البعض حاليا بدأ بمناقشة الموضوع فعليا بافتراض سوء النية حيث يقول " أصلا ما شلونا من مكاننا إلا لأغراضهم الشخصية علشان يبنوا شاليهاتهم واستراحاتهم " !! طبعا نحن لا نتحدث عن فنادق أو استراحات سياحية عامة فهي مطلوب بكل تأكيد .. الحديث هنا عن الاستراحات والشاليهات الخاصة ...
من وجهة نظري ... الوقت لم يتأخر كثيرا على مراجعة الحسابات وإعادة النظر في مقدار التعويض ومكانه ، خصوصا وان المشروع ما يزال في مراحله الأولى ، فرفقا بالإنسان العماني السمح .
سعود الفارسي
22/10/2011م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق