سليمة ... والمهمة المستحيلة !!!
الحلقة (٢/٣)
استعرضنا في الحلقة السابقة كيف ان سليمة انهت الثانوية بمعدل ٨٠٪ وان والدها استدان من البنك لتغطية مصاريف دراستها بعد الثانوية وماذا كان رد الجهة المسؤولة عن التعليم العالي في بلدها " زحل " تجاه طلبها بالرغم من ان تلك الجهة كانت قد اعطت بعثات للبعض دون وجه حق كإبن العمدة ، وعدم حصولها علي وظيفة في مجال تخصصها كون انها لم تحصل علي العلامة المرتفعه في اللغة الانجليزية مما اضطرها للعمل في محلات " الصدف " وكيف انها استقالة من تلك الوظيفة بعد تعرضها للتحرشات من قبل الموظفين بما فيها تحرشات جنسية بادئة رحلة البحث عن عمل من جديد .
مرت الأيام وسليمة تبحث عن عمل أياً كان تحت ضغوطات البنك والدين ومتطلبات الحياة ... أخيرا وجدت فرصة للعمل كمندوبة مبيعات لإحدى الشركات المنتجة للأحذية ، تفاجأت سليمة أن مسؤولها " كومار " يطلب منها وضع المكياج وارتداء كعب عالي واظهار جزء من شعرها كمتطلبات رئيسية للاستمرار في الوظيفة ، رفضت سليمة ذلك الطلب فتربيتها واخلاقها ودينها يمنعونها من فعل ذلك وكان راتبها يتوقف علي مقدار المبيعات التي تحققها ، بدأت سليمة بزيارة بعض كبار المسؤولين لعرض منتجات الشركة عليهم وتعجبت من عدم الاقبال علي شراء منتجاتها في حين أن زميلتها " عبير " استطاعت اقناع بعض الجهات التي زارتها سليمة بالشراء منها وبكميات كبيرة !! بعد مراجعة للنفس وتفكير عميق عرفت سليمة سبب تفوق عبير عليها !! فعبير فعلا طبقت كلام " كومار " بل وتعدت تلك النصائح ، فالغنج والأنوثة البراقة الزائفة واظهار المفاتن والدوس على المباديء والقيم والاخلاق هي السبب ، أخيرا اقنعت سليمة نفسها بتقليد عبير حسب امكاناتها فقط ، فعلا اصبحت بطلتنا سليمة أنثى بالمعنى المعلن المكذوب ، ومع زيارتها لأول مسؤول تعجبت من حفاوة الترحيب وكرم الضيافة !!! ففي السابق لم يكن احد منهم يعيرها الاهتمام واليوم هي في قمة الترحيب !! بعد عرضها لبضاعتها أجابها المسؤول " أختي هالمكان مكان عمل ماينفع نتكلم في مثل هالأمور تعالي اليوم بمقهى " ستار دك " الواقع ب" حي الساحل " الساعه التاسعه مساءً لتبادل الحديث والاتفاق " !!! صرخت سليمة في وجهه وخرجت من مكتبه وهي تبكي وتصرخ و قررت ترك العمل ، وبينما هي جالسة تبكي وتفكر في حديقة " الشريش " الطبيعية إذا بإحدى صديقاتها القدامى تراها وتتجه نحوها وبعد سؤالها سليمة عن مشكلتها أخبرتها سليمة عن حكايتها وكانت صديقتها متزوجة من احد التجار الصغار المكافحين في سوق مليء ب" حيتان " وهوامير من قوم " راجو " و " كومار " وغيرها من الأسماء اللامعة المستترة في آن واحد !! وأقصد هنا أن المواطن الزحلي اللامع الاسم بتجارته وشركاته ومصانعه ليس سوى غطاء لتاجر حقيقي من جنسية في غاية الأصالة الزحلية هو من يملك المال والتحكم الفعلي في الشركات والتجارة هو وأبناء عمومته ممن اقاموا " لوبياً " محكم القوة لم ولن يسمحوا لغيرهم بالدخول والمنافسة بل ويمارسون " الاحتكار الفعلي " بكل ماتعنيه الكلمة من معنى فهم المستورد وتاجر التجزئة وهم اصحاب السيطرة الفعلية على جهات حماية المستهلك في زحل ، عموما وعدت صديقة سليمة بأنها ستكلم زوجها حتى يدبر وظيفة لسليمة بشكل مؤقت حتى تجد سليمة وظيفة تتناسب ومؤهلها العلمي ، فعلا وظف الزوج سليمة كسكرتيرة في مكتبه إلى أن حصلت علي الشهادة المطلوبة للتعيين كمدرسة لغة انجليزية وفعلا أخيرا تحقق الحلم " المستحيل التحقق " وقبلت سليمة للتعليم كمدرسة ، وغمرت السعادة قلب سليمة وقلوب كافة أفراد أسرتها .
بعد انتظار لإعلان مكان التعيين استمر لأيام فوجئت سليمه بأنه قد تم تعيينها في اقصى جنوب زحل في حين انها من سكان أقصى الشمال !! توجهة مباشرة في اليوم التالي لاعلان النتائج الى وزارة التعليم في محاولة لنقل مكان تعيينها لمكان أقرب حتى وأن كان بوسط زحل إلا أن طلبها قوبل بالرفض !! لم تجد سليمة امامها سوى القبول بالأمر الواقع فلا خيار أمامها ، ذهبت سليمة ووالدها بعد أيام لترتيب مكان لاقامتها في أقصى الجنوب وبعد بحث وجدت مجموعة مثلها تم جلبهم من مناطق بعيدة جداً للتدريس في ذات المدرسة فسكنت معهم بذات المنزل .
مرت الشهور وسليمة تمارس عملها بهمة ونشاط ، إلا أن الأمر الغريب التي استوقفها أن أدوات التدريس يجب عليها أن تشتريها من مالها الخاص فتوجهت إلى المكتبة لشراء بعض المستلزمات كأقلام السبورة وأوراق الطابعه وباقي الأدوات كانت تحدث نفسها " هل ياترى هذا من واجبي أم يجب توفيره من الوزارة " عموما اعتادت سليمة علي تصوير الاوراق وشراء ادوات التعليم من حسابها الخاص ، كذلك تفاجأت سليمة بأنه وإلى جانب وظيفتها كمدرسة اوكلت اليها بعض الأنشطة للإشراف عليها فقد أصبحت مشرفة التصوير الضوئي إضافة لكونها مشرفة على مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية وما يترتب علي تلك الأنشطه من مهام وواجبات فوجدت نفسها وسط معمعة وفوضى وسباق مع الوقت على حساب العملية التعليمية ، فأصبح جدولها اليومي مليء ومزحوم بالكامل ، فإضافة إلى الخمسة والعشرين حصة كنصاب إسبوعي وجب عليها الاجتماع والعمل لتغطية الأنشطة ، اعتادت سليمة علي الوضع فالانسان " الزحلي " خامة ممتازة من الممكن تشكيلها على حسب الرغبة والأهواء الشخصية دون أية معارضة أو حتى امتعاض من قبله وفي ذات يوم
انهالت الرسائل النصية. على هاتف سليمة فجأة عندما امسكت بهاتفها وفتحت إحدى تلك " المسجات " وجدت انه يتحدث عن حادثة ضرب المعلم من قبل قوات مكافحة " قلة الأدب " ويطالب جميع المعلمين بالاعتصام والاضراب عن العمل ، وقفت سليمة مذهولة أمام هذا الخبر فالحدث جللظ ، فلم يسبق في أي كوكب على مستوى المجرة وأن تم ضرب معلميه من قبل الحكومة إلا في زحل !! وكان لا بد من وقفة حازمة من قبل المعلم تجاه ذلك الفعل المشين !! وحقيقة كانت ردة الفعل من قبل المعلم في قمة الرقي ، وفي يوم وبينما كانت سليمة تشرح درس " الجرامر " لصف الثاني عشر إذا بمجموعة طالبات مجتمعات يلعبن لعبة " من المفتش " دون اكتراث لوجود المعلمة في الفصل !! عندما طلبت منهم سليمة الالتزام بالنظام ردت احدى الطالبات " تيتشر سوري بس احنا مانحترمكم اصلا خلاص اصلا انتي ومثلج لهم وجه يتكلموا بعد ماضربوكم لا وبعد يشردوا والأمن يركض وراهم بالعصي " انفجر الصف هنا بالضحك ، ارسلت سليمة الي المديرة تطلبها جاءت المديرة والاخصائية وأخبرتهم سليمة بما حصل وعندما حاولت المديرة لوم الطالبات قالت احداهن " اصلا ابلى نحن ماقلنا شيء نحن كنا جالسين مركزيم وهي تبلت علينا !! اخرس ذلك الرد المديرة ولم تستطع قول شيء خصوصا وان الطالبة قالت لها " اذا سويتيلنا استدعاء ولي امر بخبر أبوي انكم ضربتوني وسبيتوني وبخليخ يطلع منكم اصلا هو مايصدق أحد غيري " طبعا المديرة طلبت من سليمة أن ترافقها للمكتب وبدأت بتوبيخها بل قالت لها " خلاص خلي الطالبان علي راحتهن مافينا علي صدعت الراس ولا تنسي مدام الحكومة ما احترمتنا واهانتنا امام الملأ كيف تريدي الطالبات يحترمونا !! أبوي لا تنسي لو تبلن علينا عندهن بعد " النيابة العامة الزحليه " خلوهن عراحتهن !! خرجت سليمة من مكتب المديرة وهي تحدث نفسها " الحين هذولا بدل ماينازعوا الطالبات ينازعوني انا " !!
مرت الأيام وتقدم فارس الإحلام لخطبة سليمة صاحبة الاخلاق والدين المكافحة العصامية ، بعد السؤال عنه وعن اصله وفصله وعرقه وكل مايتعلق به من قريب أو بعيد والتأكد من أهليته وكفائته للزواج تفاجأ الجميع بمعارضة والد سليمة الزواج بحجة أن أمه شريرة و " راعية سوالف " ! تعجب الجميع من هذا الرفض ولكن بطلة قصتنا آثرت عدم " زعل " ابيها فرفضت لرفضه ، وتقدم الثاني والثالث والرابع والعاشر وكان في كل مرة والد سليمة يرفض والأسباب كلها أقل مايمكن وصفها بأنها " بايخة " ، وسليمة تتقدم في العمر ومرحلة " العنوسة " تفتح ذراعيها مرحبة بعضوة جديدة تنظم إلى نادي " العوانس" هي سليمة ، مه مرور الأيام كانت سليمة قد أنهت دفع كافة ديونها وديون ابيها حيث انها خصصت ٩٠٪ من راتبها بين البنك وبين ابيها واخوتها ، بعد أيام تقدم " المعرس " الحادي عشر ، وكذلك رفضه الاب الا ان ام سليمة وقفة في وجهه هذه المرة وقالت له " حرام عليك البنك تكبر والزمن بدأ يرسم خطوطه على وجهها خلاص البنت رجعت لك فلوسك وزيادة ايش تريد بعد ؟؟!! خلي البنت تعيش حياتها !! " أجاب الأب " خلاص تريد تتزوج ماعندي مانع بس بشرط تروح معي البنك في زيارة واحدة فقط " استغربت الأم وقالت " طيب ليش " ؟؟ أجاب الأب " اريدها تقدم طلب سلفية بالحد الاقصى المسموح لها حتى اضمن أن الزوج ماراح يقص عليها وياخذ فلوسها " غضبت الأم وقالت " حرام عليك بتخلي البنت تعيش بديون طول عمرها !! " رد الأب " عيل أنا ربيتها وتعبت والزوج يجي ياخذها هي وفلوسها عالجاهز !! " وبين أخذ ورد وبينما كانت سليمة متواجدة للبيت لقضاء إجازة نهاية الأسبوع سمعت تلك المناوشات ، صدمت سليمة من ردة فعل أبيها وطمعه ، بكت وأجهشت بالبكاء ، مع مرور الأيام ورفض الأب لكل " المعاريس " خرجت سليمة من غرفتها وذهبت لمواجهة ابيها بأنها تعرف السبب وأخبرته بما تعلم فقال لها " طيب خلاص مادام تعرفين السبب الحل في ايدج " لم تجد سليمة حل اخر غير قبول طلب ابيها خصوصا وأن " المعرس " هذه المرة كامل المواصفات دين وأخلاق ووسامة ومن عائلة عريقة ، توجهت سليمة إلى البنك برفقة والدها إلى البنك والدموع تجرح خدودها من قهرها تعجب موظفوا البنك من المشهد خصوصا عندما أمسكت سليمة القلم للتوقيع وتجمدت فجأة فيدها لم تتحرك ولا تستطيع هي تحريكها ، وبعد صرخة مدوية من ابيها " خلصينا " هرعت بالتوقيع ، خرجا من البنك بملامح متضادة تماماً ، فسليمة تبكي في حين ان أبيها في قمة السعادة يرقص ويغني ويدندن !! رجعا إلى المنزل وأخبر الأب الأم " خلاص خبري أم علي إحنا ماعندنا مانع خليهم يجونا بيوم عشان نتفق على تفاصيل الزواج " ، اتصلت الأم بأم. علي واتفقتا على يوم الخطوبة وفعلا وصل الزوار بيت العروس ، سليمة اليوم في قمة سعادتها فهي سنين طوال لم تشعر بسعادة مثل سعادة اليوم ، دخل علي وأبيه وبقية الشيوخ إلى المجلس وبعد تناول " القهوة الزحلية " وتبادل " الأخبار والعلوم " دخل أبو علي في الموضوع وطلب يد سليمة فرد أبو. سليمة " نحن سألنا عنكم ومراح نلاقي لبنتنا أفضل من ابنكم " قال أبو علي " طيب لنتكلم بالتفاصيل " وسليمة واقفة خلف الباب تسترق السمع، فقال أبوها " طيب المهر باذن الله راح يكون ثمانية آلاف ريال كاش إضافة إلى شبكة بقيمة كذا وساعه ويجب أن يكون الحفل في قاعة " الضوء " علي ان تتحملوا كل مصاريف العرس من أكل وترتيبات وغيرها من مصاريف " صعق ابو علي فقال " يابو سليمة الله يهدينا واياك يعني انت تتكلم عن خمسة عشر الف ريال علي لا يملك كل هذا المبلغ !! ولا تنسى حتى لو قدر يرتبه فوراه بناء بيت لهم وتأمين مستقبلهم ومستقبل أولادهم !! " رد أبو سليمة " والله هذي شروطنا رضيتو حياكم الله مارضيتو برايكم " ، في السيارة وبينما كان علي ووالده في الطريق للمنزل قال ابو علي لابنه " ياولدي انا اقول تشوفلك وحده ثانية هذي ماتناسبك اهلها جشعين !! رد علي " لا يابوي خلاص بنتوكل على الله البنت ممتازة وفيها مواصفات أم أولادي اللي اتمناها " فرد الأب "على راحتك ياولدي " .... يتبع
سعود الفارسي
٢٢/١١/٢٠١١
الحلقة (٢/٣)
استعرضنا في الحلقة السابقة كيف ان سليمة انهت الثانوية بمعدل ٨٠٪ وان والدها استدان من البنك لتغطية مصاريف دراستها بعد الثانوية وماذا كان رد الجهة المسؤولة عن التعليم العالي في بلدها " زحل " تجاه طلبها بالرغم من ان تلك الجهة كانت قد اعطت بعثات للبعض دون وجه حق كإبن العمدة ، وعدم حصولها علي وظيفة في مجال تخصصها كون انها لم تحصل علي العلامة المرتفعه في اللغة الانجليزية مما اضطرها للعمل في محلات " الصدف " وكيف انها استقالة من تلك الوظيفة بعد تعرضها للتحرشات من قبل الموظفين بما فيها تحرشات جنسية بادئة رحلة البحث عن عمل من جديد .
مرت الأيام وسليمة تبحث عن عمل أياً كان تحت ضغوطات البنك والدين ومتطلبات الحياة ... أخيرا وجدت فرصة للعمل كمندوبة مبيعات لإحدى الشركات المنتجة للأحذية ، تفاجأت سليمة أن مسؤولها " كومار " يطلب منها وضع المكياج وارتداء كعب عالي واظهار جزء من شعرها كمتطلبات رئيسية للاستمرار في الوظيفة ، رفضت سليمة ذلك الطلب فتربيتها واخلاقها ودينها يمنعونها من فعل ذلك وكان راتبها يتوقف علي مقدار المبيعات التي تحققها ، بدأت سليمة بزيارة بعض كبار المسؤولين لعرض منتجات الشركة عليهم وتعجبت من عدم الاقبال علي شراء منتجاتها في حين أن زميلتها " عبير " استطاعت اقناع بعض الجهات التي زارتها سليمة بالشراء منها وبكميات كبيرة !! بعد مراجعة للنفس وتفكير عميق عرفت سليمة سبب تفوق عبير عليها !! فعبير فعلا طبقت كلام " كومار " بل وتعدت تلك النصائح ، فالغنج والأنوثة البراقة الزائفة واظهار المفاتن والدوس على المباديء والقيم والاخلاق هي السبب ، أخيرا اقنعت سليمة نفسها بتقليد عبير حسب امكاناتها فقط ، فعلا اصبحت بطلتنا سليمة أنثى بالمعنى المعلن المكذوب ، ومع زيارتها لأول مسؤول تعجبت من حفاوة الترحيب وكرم الضيافة !!! ففي السابق لم يكن احد منهم يعيرها الاهتمام واليوم هي في قمة الترحيب !! بعد عرضها لبضاعتها أجابها المسؤول " أختي هالمكان مكان عمل ماينفع نتكلم في مثل هالأمور تعالي اليوم بمقهى " ستار دك " الواقع ب" حي الساحل " الساعه التاسعه مساءً لتبادل الحديث والاتفاق " !!! صرخت سليمة في وجهه وخرجت من مكتبه وهي تبكي وتصرخ و قررت ترك العمل ، وبينما هي جالسة تبكي وتفكر في حديقة " الشريش " الطبيعية إذا بإحدى صديقاتها القدامى تراها وتتجه نحوها وبعد سؤالها سليمة عن مشكلتها أخبرتها سليمة عن حكايتها وكانت صديقتها متزوجة من احد التجار الصغار المكافحين في سوق مليء ب" حيتان " وهوامير من قوم " راجو " و " كومار " وغيرها من الأسماء اللامعة المستترة في آن واحد !! وأقصد هنا أن المواطن الزحلي اللامع الاسم بتجارته وشركاته ومصانعه ليس سوى غطاء لتاجر حقيقي من جنسية في غاية الأصالة الزحلية هو من يملك المال والتحكم الفعلي في الشركات والتجارة هو وأبناء عمومته ممن اقاموا " لوبياً " محكم القوة لم ولن يسمحوا لغيرهم بالدخول والمنافسة بل ويمارسون " الاحتكار الفعلي " بكل ماتعنيه الكلمة من معنى فهم المستورد وتاجر التجزئة وهم اصحاب السيطرة الفعلية على جهات حماية المستهلك في زحل ، عموما وعدت صديقة سليمة بأنها ستكلم زوجها حتى يدبر وظيفة لسليمة بشكل مؤقت حتى تجد سليمة وظيفة تتناسب ومؤهلها العلمي ، فعلا وظف الزوج سليمة كسكرتيرة في مكتبه إلى أن حصلت علي الشهادة المطلوبة للتعيين كمدرسة لغة انجليزية وفعلا أخيرا تحقق الحلم " المستحيل التحقق " وقبلت سليمة للتعليم كمدرسة ، وغمرت السعادة قلب سليمة وقلوب كافة أفراد أسرتها .
بعد انتظار لإعلان مكان التعيين استمر لأيام فوجئت سليمه بأنه قد تم تعيينها في اقصى جنوب زحل في حين انها من سكان أقصى الشمال !! توجهة مباشرة في اليوم التالي لاعلان النتائج الى وزارة التعليم في محاولة لنقل مكان تعيينها لمكان أقرب حتى وأن كان بوسط زحل إلا أن طلبها قوبل بالرفض !! لم تجد سليمة امامها سوى القبول بالأمر الواقع فلا خيار أمامها ، ذهبت سليمة ووالدها بعد أيام لترتيب مكان لاقامتها في أقصى الجنوب وبعد بحث وجدت مجموعة مثلها تم جلبهم من مناطق بعيدة جداً للتدريس في ذات المدرسة فسكنت معهم بذات المنزل .
مرت الشهور وسليمة تمارس عملها بهمة ونشاط ، إلا أن الأمر الغريب التي استوقفها أن أدوات التدريس يجب عليها أن تشتريها من مالها الخاص فتوجهت إلى المكتبة لشراء بعض المستلزمات كأقلام السبورة وأوراق الطابعه وباقي الأدوات كانت تحدث نفسها " هل ياترى هذا من واجبي أم يجب توفيره من الوزارة " عموما اعتادت سليمة علي تصوير الاوراق وشراء ادوات التعليم من حسابها الخاص ، كذلك تفاجأت سليمة بأنه وإلى جانب وظيفتها كمدرسة اوكلت اليها بعض الأنشطة للإشراف عليها فقد أصبحت مشرفة التصوير الضوئي إضافة لكونها مشرفة على مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية وما يترتب علي تلك الأنشطه من مهام وواجبات فوجدت نفسها وسط معمعة وفوضى وسباق مع الوقت على حساب العملية التعليمية ، فأصبح جدولها اليومي مليء ومزحوم بالكامل ، فإضافة إلى الخمسة والعشرين حصة كنصاب إسبوعي وجب عليها الاجتماع والعمل لتغطية الأنشطة ، اعتادت سليمة علي الوضع فالانسان " الزحلي " خامة ممتازة من الممكن تشكيلها على حسب الرغبة والأهواء الشخصية دون أية معارضة أو حتى امتعاض من قبله وفي ذات يوم
انهالت الرسائل النصية. على هاتف سليمة فجأة عندما امسكت بهاتفها وفتحت إحدى تلك " المسجات " وجدت انه يتحدث عن حادثة ضرب المعلم من قبل قوات مكافحة " قلة الأدب " ويطالب جميع المعلمين بالاعتصام والاضراب عن العمل ، وقفت سليمة مذهولة أمام هذا الخبر فالحدث جللظ ، فلم يسبق في أي كوكب على مستوى المجرة وأن تم ضرب معلميه من قبل الحكومة إلا في زحل !! وكان لا بد من وقفة حازمة من قبل المعلم تجاه ذلك الفعل المشين !! وحقيقة كانت ردة الفعل من قبل المعلم في قمة الرقي ، وفي يوم وبينما كانت سليمة تشرح درس " الجرامر " لصف الثاني عشر إذا بمجموعة طالبات مجتمعات يلعبن لعبة " من المفتش " دون اكتراث لوجود المعلمة في الفصل !! عندما طلبت منهم سليمة الالتزام بالنظام ردت احدى الطالبات " تيتشر سوري بس احنا مانحترمكم اصلا خلاص اصلا انتي ومثلج لهم وجه يتكلموا بعد ماضربوكم لا وبعد يشردوا والأمن يركض وراهم بالعصي " انفجر الصف هنا بالضحك ، ارسلت سليمة الي المديرة تطلبها جاءت المديرة والاخصائية وأخبرتهم سليمة بما حصل وعندما حاولت المديرة لوم الطالبات قالت احداهن " اصلا ابلى نحن ماقلنا شيء نحن كنا جالسين مركزيم وهي تبلت علينا !! اخرس ذلك الرد المديرة ولم تستطع قول شيء خصوصا وان الطالبة قالت لها " اذا سويتيلنا استدعاء ولي امر بخبر أبوي انكم ضربتوني وسبيتوني وبخليخ يطلع منكم اصلا هو مايصدق أحد غيري " طبعا المديرة طلبت من سليمة أن ترافقها للمكتب وبدأت بتوبيخها بل قالت لها " خلاص خلي الطالبان علي راحتهن مافينا علي صدعت الراس ولا تنسي مدام الحكومة ما احترمتنا واهانتنا امام الملأ كيف تريدي الطالبات يحترمونا !! أبوي لا تنسي لو تبلن علينا عندهن بعد " النيابة العامة الزحليه " خلوهن عراحتهن !! خرجت سليمة من مكتب المديرة وهي تحدث نفسها " الحين هذولا بدل ماينازعوا الطالبات ينازعوني انا " !!
مرت الأيام وتقدم فارس الإحلام لخطبة سليمة صاحبة الاخلاق والدين المكافحة العصامية ، بعد السؤال عنه وعن اصله وفصله وعرقه وكل مايتعلق به من قريب أو بعيد والتأكد من أهليته وكفائته للزواج تفاجأ الجميع بمعارضة والد سليمة الزواج بحجة أن أمه شريرة و " راعية سوالف " ! تعجب الجميع من هذا الرفض ولكن بطلة قصتنا آثرت عدم " زعل " ابيها فرفضت لرفضه ، وتقدم الثاني والثالث والرابع والعاشر وكان في كل مرة والد سليمة يرفض والأسباب كلها أقل مايمكن وصفها بأنها " بايخة " ، وسليمة تتقدم في العمر ومرحلة " العنوسة " تفتح ذراعيها مرحبة بعضوة جديدة تنظم إلى نادي " العوانس" هي سليمة ، مه مرور الأيام كانت سليمة قد أنهت دفع كافة ديونها وديون ابيها حيث انها خصصت ٩٠٪ من راتبها بين البنك وبين ابيها واخوتها ، بعد أيام تقدم " المعرس " الحادي عشر ، وكذلك رفضه الاب الا ان ام سليمة وقفة في وجهه هذه المرة وقالت له " حرام عليك البنك تكبر والزمن بدأ يرسم خطوطه على وجهها خلاص البنت رجعت لك فلوسك وزيادة ايش تريد بعد ؟؟!! خلي البنت تعيش حياتها !! " أجاب الأب " خلاص تريد تتزوج ماعندي مانع بس بشرط تروح معي البنك في زيارة واحدة فقط " استغربت الأم وقالت " طيب ليش " ؟؟ أجاب الأب " اريدها تقدم طلب سلفية بالحد الاقصى المسموح لها حتى اضمن أن الزوج ماراح يقص عليها وياخذ فلوسها " غضبت الأم وقالت " حرام عليك بتخلي البنت تعيش بديون طول عمرها !! " رد الأب " عيل أنا ربيتها وتعبت والزوج يجي ياخذها هي وفلوسها عالجاهز !! " وبين أخذ ورد وبينما كانت سليمة متواجدة للبيت لقضاء إجازة نهاية الأسبوع سمعت تلك المناوشات ، صدمت سليمة من ردة فعل أبيها وطمعه ، بكت وأجهشت بالبكاء ، مع مرور الأيام ورفض الأب لكل " المعاريس " خرجت سليمة من غرفتها وذهبت لمواجهة ابيها بأنها تعرف السبب وأخبرته بما تعلم فقال لها " طيب خلاص مادام تعرفين السبب الحل في ايدج " لم تجد سليمة حل اخر غير قبول طلب ابيها خصوصا وأن " المعرس " هذه المرة كامل المواصفات دين وأخلاق ووسامة ومن عائلة عريقة ، توجهت سليمة إلى البنك برفقة والدها إلى البنك والدموع تجرح خدودها من قهرها تعجب موظفوا البنك من المشهد خصوصا عندما أمسكت سليمة القلم للتوقيع وتجمدت فجأة فيدها لم تتحرك ولا تستطيع هي تحريكها ، وبعد صرخة مدوية من ابيها " خلصينا " هرعت بالتوقيع ، خرجا من البنك بملامح متضادة تماماً ، فسليمة تبكي في حين ان أبيها في قمة السعادة يرقص ويغني ويدندن !! رجعا إلى المنزل وأخبر الأب الأم " خلاص خبري أم علي إحنا ماعندنا مانع خليهم يجونا بيوم عشان نتفق على تفاصيل الزواج " ، اتصلت الأم بأم. علي واتفقتا على يوم الخطوبة وفعلا وصل الزوار بيت العروس ، سليمة اليوم في قمة سعادتها فهي سنين طوال لم تشعر بسعادة مثل سعادة اليوم ، دخل علي وأبيه وبقية الشيوخ إلى المجلس وبعد تناول " القهوة الزحلية " وتبادل " الأخبار والعلوم " دخل أبو علي في الموضوع وطلب يد سليمة فرد أبو. سليمة " نحن سألنا عنكم ومراح نلاقي لبنتنا أفضل من ابنكم " قال أبو علي " طيب لنتكلم بالتفاصيل " وسليمة واقفة خلف الباب تسترق السمع، فقال أبوها " طيب المهر باذن الله راح يكون ثمانية آلاف ريال كاش إضافة إلى شبكة بقيمة كذا وساعه ويجب أن يكون الحفل في قاعة " الضوء " علي ان تتحملوا كل مصاريف العرس من أكل وترتيبات وغيرها من مصاريف " صعق ابو علي فقال " يابو سليمة الله يهدينا واياك يعني انت تتكلم عن خمسة عشر الف ريال علي لا يملك كل هذا المبلغ !! ولا تنسى حتى لو قدر يرتبه فوراه بناء بيت لهم وتأمين مستقبلهم ومستقبل أولادهم !! " رد أبو سليمة " والله هذي شروطنا رضيتو حياكم الله مارضيتو برايكم " ، في السيارة وبينما كان علي ووالده في الطريق للمنزل قال ابو علي لابنه " ياولدي انا اقول تشوفلك وحده ثانية هذي ماتناسبك اهلها جشعين !! رد علي " لا يابوي خلاص بنتوكل على الله البنت ممتازة وفيها مواصفات أم أولادي اللي اتمناها " فرد الأب "على راحتك ياولدي " .... يتبع
سعود الفارسي
٢٢/١١/٢٠١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق