التحرشات
الجنسية بالإناث بأماكن العمل !
مشهد
أول : سميرة ، فتاة عمانية وإبنة لإحدى العائلات الفقيرة ، تخرجت للتو من الجامعة
، تبحث عن وظيفة لتعيل أسرتها ، لم يبق باباً للعمل إلا وطرقته ، سجلت بسجل الخدمة
المدنية وبسجل القوى العاملة ، انتظرت وانتظرت ولكن لم يتصل أحد ولم يظهر اسمها
ضمن الأسماء المعلن عنها للمنافسة على الوظائف !! كلما راجعت الجهات المعنية كان
الجواب " انتظري دورك " !! مع ضغوطات الحياة وعوز أسرتها بدأت تطرق
أبواب الشركات والمحلات علها تجد وظيفة مؤقتة تسد رمق العيش ، في يوم من الأيام
تلقت إتصال من إحدى الشركات بأن لديهم وظيفة تناسبها وأن المدير يطلبها للحضور
لمناقشة عرض العمل في اليوم الفلاني ، فعلا توجهت سميرة للشركة في اليوم الموعود ودخلت
على مدير الشركة ، وبدأ يتحدث معها ويشرح لها واجبات ومسؤوليات وإختصاصات الوظيفة
في ذات الوقت الذي كان يرمقها بنظرات غير طبيعية ! وفجأة يقول لها : مارأيك أن
نلتقي بمكان عام لنناقش باقي التفاصيل على " مزاج " ! مارأيك أن أدعوك
إلى العشاء بالمطعم الفلاني ! تحتار سميرة ، فإذا هي رفضت فإنها لن تحصل على
الوظيفة وإذا قبلت فمعناه بأنها تبيع نفسها !!
مشهدٌ
ثانِ : إيمان ، فتاة تعمل بإحدى المؤسسات الحكومية وهي فتاة في غاية الجمال
ومجتهدة جدا في عملها ، يشهد لها جميع موظفي تلك الشركة بالنشاط والحيوية والأداء
المتميز ، فهي تحب المؤسسة التي تعمل بها وتحترم زملائها وكل شيء ممتاز ببيئة
العمل إلا ذلك المسؤول الذي يحاول بين فترة وأخرى رمي " سنارته " عله
يصطادها فيفترسها ! إلا أنها كانت دائما ماتصده ، فبدأ ذلك المسؤول بإرسال الرسائل
النصية والالكترونية على هاتفها النقال " الخاص " وهي لا ترد عليه ولا
" تعبره " بل ووصلت به الجرأة إلى أن يرسل لها رسائل " خادشة
" بل وصور عارية ! ترد إيمان على ذلك المسؤول مهددة إياه بأنها ستشتكيه لدى
المسؤول الأكبر ، لكن حقيقة هي أجبن من ذلك ، لكونها فتاة في مجتمع لا يرحم فتفضل
السكوت ، فسمعة الفتاة في مجتمعنا للأسف على المحك .. حتى الإشاعة غير المقرونة
بأدلة من شأنها تشويه سمعتها وتخريب مستقبلها ! وإزاء تعنت إيمان ورفضها الخنوع
لرغبات ذلك المسؤول وشهواته تجدها مستبعدة من الحصول على إي إمتيازات وظيفية بل
وتجد ذلك المسؤول يتصيد الأخطاء لإهانتها والنيل من كرامتها ، بل ويحرمها من أبسط
حقوقها كالحصول على إجازة في الوقت الذي تحتاج لذلك ، في ذات الوقت الذي تجد فيه
زميلتها " فلانة " هي الذراع الأيمن لذلك المسؤول ، ففلانة هي التي
ترافق ذلك المسؤول في سفراته وصولاته وجولاته ، فلانة هي المرشحة دائما للحصول على
علاوات تشجيعية وعلى الدورات التدريبية والمهام الرسمية ، مع أن الكل يعلم جيدا
بأن " فلانة " موظفة سيئة غير مجيدة لعملها إلا أنها تحصل على كل تلك
الميزات لأن " علاقتها " مع ذلك المسؤول ممتازة فهي " قريبة "
منه جدا ، بل لا حدود لتلك العلاقة بينها وبين ذلك المسؤول !
مشهدٌ
ثالثٌ ، موجه يعمل في التربية والتعليم يحضر لمدارس الإناث للإشراف على المعلمات
فتجده يلتصق بهذه ويحاول التقرب من تلك ، ويراسل هذه ويكلم تلك ، وعادة مايكون مثل
هذا الموجه مشهورا بـ " قلة أدبه " فتجد المعلمات يحاولن تفادي التعامل
معه فمنهن من تتعذر عن مقابلته ومنهن من تتغيب عن العمل ذلك اليوم لأنهن يعلمن
بقدومه ، وعليه فالنتيجة المتوخاة من عمل ذلك الموجه سلبية عادةً !
مشهدٌ
رابعٌ ، خامسٌ ، عاشرٌ ... الخ ، هنالك لمثل هذه المشهد العشرات والمئات والألوف ،
فتعرض الفتيات للتحرش الجنسي بأماكن العمل هو من الموضوعات المهمة جدا الحاصلة
واقعاً المسكوت عنها عملاً ، فتجد بعض المسؤولين يستغلون مايملكون من صلاحيات وسلطات
لإخضاع من يعجبون به من الموظفات لشهواتهم ، وللأسف تجد أن بعض الموظفات يخضعن
لذلك الابتزاز إما جهلاً بالقانون أو خوفا على مصدر عيشهن من بطش ذلك المسؤول أو
خوفا من الفضيحة أو لضعف الشخصية أو لضعف التربية ، في المقابل تجد الموظفات
اللآتي يرفضن الخنوع والخضوع لشهوات المسؤولين محاربات من قبل ذلك المسؤول ، فتارة
يحرمهن من المنافسة في مجال الوظيفة ، وتارة تجده يركن تلك الموظفة على جنب فلا هي
بعملها ولا بمستقبلها ، وتارة يحرمها من أقل وابسط حقوقها الوظيفية كحقها في
الخروج في إجازة إعتيادية متحججا بضغط العمل ، ناهيك عما من الممكن أن يكتبه في
تقرير تقويم الأداء الوظيفي الخاص بها والذي يعتمد عليها مستقبلها الوظيفي
كاستحقاقها للترقيات من عدمه ، وغيرها من أساليب البطش والإنتقام التي يستطيع ذلك
المسؤول ممارستها مستغلا سلطاته وصلاحياته وغياب الرقابة عليه ، ناهيك عن تاثير
ذلك على بيئة العمل العامة وعلى سلامة أداء الوظيفة العامة بشكل خاص ، لذلك أرى
ضرورة إيجاد جهة متخصصة مستقلة للتعامل مع موضوع " التحرشات الجنسية بأماكن
العمل " يكون من اختصاصها تلقي بلاغات التحرش والتعامل معها بشكل سري والتحقق
منها ومن ثم العمل على إحالة المتورط من المسؤولين فيها للجهات ذات الإختصاص
لمعاقبته وإتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة تجاهه ، بما يحفظ الوظيفة العامة
وكذلك الخاصة ، ويحمي الموظفات من التحرشات الجنسية ، ويرفع عنهن حرج مواجهة
نتائجها .
سعود
الفارسي
25/3/2013م
اتفق معك اخي
ردحذف