هي عُمان ..شامخة رغم أنوفكم !
جميعنا شهد خلال الأيام الماضية أحداث المسرحية الهزيلة
جداً في المضمون والمبنى التي جعل أصحابها من عمان مسرحا لها ، بداية تصرح جريدة
الزمن عن فساد بعض أعضاء المنظومة القضائية بعمان فيتم اعتقال رئيس تحرير تلك
الصحيفة ، فيظهر مظاهر التاجر كعادته مستغلا الأحداث لأموره الشخصية الخاصة
ولتصفية حساباته متسلقاً على حساب مصلحة الوطن ، فتتصدر تصريحات أحد نواب رئيس
المحكمة عناوين ذات الصحيفة ، لتنكال عليه شتى أنواع الصفات الذميمة كالمجنون
والمعتوه لتصدرمنه تصريحات أخرى يشكر من خلالها جلالة السلطان على السماح له بنشر
التفاصيل ، ليتم بعدها بأيام اعتقال نائب رئيس تحرير الصحيفة مع اصدار أمر بإغلاق
تلك الصحيفة ، فيتم بعدها نشر " وثيقة " منسوبة لإحدى الدول عن عمالة
" مظاهر " لتلك الدولة ، وثيقة أقل مايقال عن صانعها أنه " غبي
" وجاهل لأدنى أساسيات العمل الأمني ، لذلك أقولها وبالفم المليان أن وثيقة
كتلك من المستحيل أن تصدر عن جهاز أمني ، بل الأرجح أنها قد صدرت عن أحد أطراف النزاع ،
فمن يرتضي أن يجعل من بلده مسرحاً لمسرحية حقيرة كهذه لن يردعه شيء عن إدخال أطراف
أخرى بحقارة من أجل تحقيق أهدافه ، وحقيقة ما أزال متلهفاً لمعرفة أحداث الفصل
القادم لهذه المسرحية البغيضة ، لذلك قمت بشراء " جونية " من "
الفراخ " و " درام " كبير من البيبسي لمتابعة تلك الأحداث !
نعم يا أصدقاء .. فهي مسرحية بغيضة حقاً ، لأسباب عدة
أولها الإساءة لسمعة المنظومة القضائية بعمان وهو أمر في غاية الخطورة ، وله ماله
من تبعات على جميع الأصعدة والمستويات ، الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية ،
كما أن من شأن ذلك أن يتسبب بنتائج خطيرة منها هروب الاستثمار للخارج في وقت نحن
نعاني فيه جداً من الأزمة الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط ، ناهيك عن إعطاء
الفرصة – على طبق من ذهب - لجميع الجهات المترصدة للوطن من الداخل والخارج لأن
تقوم ببث سمومها وبياناتها للإساءة لعمان ورموزها ، وماتلك البيانات الصادرة عن
بعض المنظمات التي تعتبر نفسها " حقوقية " إلا دليلا حقيقيا على ما أقول
، وهذه أمور قد حذر منها الكثير من الكتاب والمدونين منذ أن ظهرت قضية السيراميك
على السطح قبل أكثر من سنة ، وقد قلنا وقتها بوجوب التدخل العاجل لمعالجة هذا
الأمر ، فالقضاء هو خط الحماية الأول والأخير لأي دولة ، ولا تصح المغامرة
والمقامرة على سمعته " قيد أنملة " ، وقد ذكرنا وقتها القصة المشهورة للقاضي
الذي تمت اقالته من القضاء لمجرد وجوده بمكان مشبوه وهي قصة من الأساسيات التي
يدرسها طلبة الحقوق ، وهو مايعني أن على القاضي أن يرتقي بنفسه عن مواطن الشبهات
فكيف به وهو يعقد صفقات " وإن كانت صحيحة وبسعر السوق " مع شخص متهم
وقضيته موجودة بملفات المحاكم التي تقع تحت إشرافه !! أوليس ذلك إغراقا للنفس في
مواطن الشبهات ومقامرة بسمعة القضاء ونزاهته ! أنا لا يهمني شخوص هذا الصراع ولا
أكترث أصلا لأي منهم ، مايهمني شخصيا هو أن تنتهي هذه المسرحية سريعاً بأن يكون
هنالك تدخل عاجل ينقذ سمعة القضاء ويوقف " القيل والقال " الذي يتداول
بالمجالس والطرقات ووسائل التواصل الاجتماعي عن القضاء ووصفه بأوصاف قبيحة لا تليق
به أبداً ، أوصاف لا أتمنى أبداً أن تصح في حقه يوماً .
بالإضافة إلى ماتقدم ، لدي قناعة بأن ظهور المدعو "
مظاهر " في كل قضية وطنية هو مشكلة حقيقية بحد ذاته ، فأنا لا أتصور أبداً أن
يرضى صناع القرار في عمان بأن يقفوا موقف المتفرج مما يحصل دون تحريك ساكن ، ولكن ظهور
مظاهر وتسلقه مع كل قضية وطنية محاولاً إظهار نفسه بـ " البطل القومي " من
شأنه إعاقة أي تحرك أو قرار ، لذلك أعتقد أنه إذا ماتم إحداث أي تغيير فإن الكثير
من الناس للأسف بقصد أو بدونه سينسبون ماحصل من تغيير لـ " مظاهر " وسيظهرونه
بمظهر البطل ، وبالتالي سيتحقق حلمه بأن يكون بطلا قوميا ، وهو أمر غير مقبول ،
فهو وإن صح مايقول من إدعاءات واتهامات في حق من يصفهم بالفساد فالحقيقة بأنه ليس
أحسن حالاً منهم أبداً ، وأكرر ماقلته في مقالي " براءة السيراميك " ،
لو أن مظاهر حصل على مبتغاه فعلا من خلال ماقام به من رشوة " حسب وصفه "
هل كان سيظهر على " تويتر " فاضحاً نفسه ليقول " لقد رشوتهم ولقد
حصلت على برائتي ، وأحذروا فإن القضاء عندنا فاسد لأنهم قبلوا رشوتي وحصلت على
برائتي بالرشوة " !! طبعا لا .. بل لكان اليوم " يتمشى " في شوارع عمان
باحثا عن محلات جديدة يستخدمها كأفرع جديدة لمحلاته ، لذلك أقول بأنه لا يقل فساداً عنهم ، مظاهر
معرفة قديمة ولا يهمني شخصه ولا تاريخه ولا حتى ما اسمعه عنه ، مايهمني هنا هو
بلادي .. مايهمني هو عمان .. مايهمني هو أن تحصل عمان على ماتستحق بشكل سريع جدا
جدا دون تأخير أو إلتفات لأي من أطراف النزاع .
عليه ، دعونا نتفق على أن صناع القرار يعملون لصالح
الدولة من أجل الوطن فقط ، لا نزولا عند رغبة مظاهر ولا غيره ، عُمان لجميع
العمانيين ، وصناع القرار تهمهم عُمان .. وعُمان فقط ، عليه فإن أي قرار قد يتخذه
صناع القرار بعمان هو قرار لعمان فقط ولا يجوز نسبة الفضل فيه إلى أحد أبداً ، فكيف
يليق أن ينسب الفضل لفاسد مجرم وفقا للقانون !
ختاماً ، الصحافة هي شريك رئيسي لنجاح أي بلد ، بل أن
الصحافة أصبحت تعد كسلطة رابعة إلى جانب السلطات الثلاث ، التشريعية والتنفيذية
والقضائية " ، وهي تقوم مقام المجتمع في رقابة جميع تلك السلطات ، ولا أقصد
بالصحافة تلك الصحافة التي لا تقدم شيئاً سوى التهليل والتكبير لكل ماتقوم به
الدولة باعتبارها أصبحت " كائناً قدسياً لا يخطيء " .. بل أن السلطات
يشغلون مناصبها بشر من لحم وعظم يخطئون ويصيبون ، وعليه تغدوا الصحافة النقدية
الموضوعية بمثابة " الركن الرابع " الذي يقوم عليه سقف " الوطن
" ، لذلك يجب ترسيخ مكانة الصحافة في الدولة وتعميقها ومنحها الضمانات
اللازمة التي تستطيع من خلالها ممارسة رسالتها السامية دون إفراط أو تفريط .
وأختتم مقالي هذا برسالة مهمة ، رسالة تعرف طريقها جيدا
لمن هي موجهة ، " احترقوا في صراعاتكم واطحنوا بعضكم بعضا كيفما شئتم ، لكن
بعيداً عن عمان ، فعمان شامخة وستظل كذلك رغم أنوفكم جميعا " .
إنتهى
سعود الفارسي
13/8/2016م
لا فض فوك
ردحذف