شخبطات .. وأشياء أخرى !!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أصدقائي ..

أشكركم على زيارة مدونتي " عماني .. حالم " .. متمنياً لكم قراءةً ممتعةً مفيدةً بإذن الله ..وأعلموا أن ما أخطه ماهو إلا مجرد " شخبطات .. وأشياء أخرى " كانت نتيجة لاستمرار التوهان في جنبات الكلمات ودهاليز العبارات .
أخوكم / سعود الفارسي

معلومات عني لا تهمك : مستشار قانوني - مدون - كاتب - باحث دكتوراه ببريطانيا .

ملاحظة : لا يظهر في الصفحة الرئيسية سوى عدد محدود من المقالات..للإطلاع على باقي المقالات يرجى الضغط على الرابط " رسائل أقدم " الموجود بأسفل هذه الصفحة .

السبت، 27 أغسطس 2016

إغرس تربية .. تحصد تعليما !!

إغرس تربية  .. تحصد تعليما !!

سعود الفارسي
طالبٌ سابق .. ولا يزال

كثيرة هي المقالات التي تتحدث عن وجوب تطوير العملية التعليمية في السلطنة ، وكثيرة تلك التي تُحَمِل المعلم الجزء الأكبر من المسؤولية تجاه ضعف العملية التربوية ومخرجات المدارس ، من الجميل أن يكون الكتاب مهتمون بالعملية التربوية ومتابعون لها ، ولكن الأجمل هو الابتعاد عن التنظير وعن تعويم الأمور وأن نقوم بتشخيص المسألة بواقعية أكبر .. بصدق أكبر .. بموضوعية أكبر ، نعم ومن خلال متابعتي أجد ضعفاً في المناهج الدراسية ، أجد ضعفا في " بعض " المعلمين ، ولكن أجد ضعفاً أكبر بكثير في التربية للأسف ! وهو مالا نود كأولياء أمور أن نواجه أنفسنا به أو الاقتناع بوجوده كحقيقة .


صباح هذا اليوم ، كنت بإحدى المدارس أعيش بين جنباتها تفاصيل اليوم الأول للعام الدراسي الجديد ، وبينما كنت واقفا بالطابور الصباحي عادت بي الذاكرة للخلف سنوات وسنوات ، فوجدتني واقفاً بين أولائك الطلبة اللامعة عيونهم حيرة وخوفا ، فهو اليوم الأول لهم في هذه المدرسة ، يلتقون بأساتذة لأول مرة يرونهم في حياتهم ، سيعيشون ساعات طوال بين جدران هذا المبنى الضخم ، أسألة كثيرة تتردد في دواخلهم ، كيف سيكون معلمي ياترى ؟! هل سيضربني ؟! من سيكون صديقي ؟! بل كيف أعلم من هو مستعد لأن يكون صديقي ؟! أين سيكون مكان جلوسي بالفصل ! أنا لا أريد أن أقعد بالخلف ! هل ستكون طاولتي جديدة أم قديمة عليها الكثير من الشخبطات ؟!  وكتبي .. هل ستكون جديدة أم قديمة ممزقة ؟! وبينما أنا مبحرٌ في محيط هذه التساؤلات كنت أنظر لأحد المعلمين ، كان يعمل بكل جد لكسر حاجز ذلك الخوف لدى هؤلاء الطلبة الصغار ، كان يمشي بينهم ، يرتبهم في صفوف مستوية ، كان ينشد معهم النشيد السلطاني بصوت عالٍ ويشجعهم على مشاركته الانشاد ، كان يمسح على رؤوسهم ويربت على أكتافهم بكل ود، باختصار ، كان مشهداً عظيماً ، جعلني أتذكر موقفا حصل لي مع أبي مع أول سنوات عمري المدرسية وعرفت منها مكانة المعلم بقلبه وتقديسه له ، ذلك الموقف تحديدا كان له الأثر الكبير في  غرس تلك القدسية الكبرى في قلبي للمعلم ، لذلك ، أنا موقن تماما بأن المعلم هو  محور مهم  لنجاح العملية التعلمية لأي بلد إذا لم يكن هو المحور الأهم .
عزيزي ولي الأمر ، عندما تجد بأن ابنك بدأ يتحدث عن معلمه بسوء أمامك وبصوت عالٍ وبنبرة تخلوا من الاحترام دون تدخل منك فأعلم بأنك سبب رئيسي في مستوى ابنك وفي تدهور العملية التربوية التعليمية في البلد ، عندما يتجرأ ابنك على الدعاء أمامك بصوت مرتفع " عسى تحترق المدرسة " أو يتبادل رسائل تتضمن الحط من قيمة المدرسة والاستهزاء منها ، أو عندما يتجرأ ابنك / ابنتك على ارسال رسائل تحط من قيمة وزير التربية والتعليم بل رسائل نكات تتناول شخص الوزير أو أي مسؤول بالتربية والتعليم بسخرية وتكتفي بإطلاق الضحكات والقهقهة  فأعلم أنك سبب رئيسي لضعف العملية التربوية في عمان ، نعم ياصديقي ، فكثيرون منا يختلفون مع سياسة وزارة التربية والتعليم بشكل عام ، يختلف مع جودة مناهجها وكيفيتها ، يختلف معها كماً ونوعاً ومضمونا ،  مع طريقة تعامل وزارة التربية والتعليم مع الطالب من ناحية ومع المعلم من ناحية أخرى ، ولكن ياصديقي ، يجب أن يكون هذا الاختلاف أولا في نطاق الاحترام ، وثانيا بعيدا عن مسمع الأبناء .. بل يجب أن تكون تصرفاتنا مختلفة تماما أمام أبنائنا  ، يجب أن نعمل على غرس قيمة المعلم في نفوس الطلاب ، يجب أن يتعلم الطفل أن احترام المعلم يجب ألا يقل أبدا عن احترام الأم والأب ، يجب أن نربيهم على قدسية المدرسة ، يجب أن نحاورهم لجعلهم مدركين لأهمية التعليم والمدرسة ، وكيف أنها نعمة كبيرة من رب العالمين حرم منها ملايين الأطفال حول العالم ، كيف أن هنالك أطفال يعانون الجهل والفقر والأمراض بسبب الأمية ، وكيف أن بعضهم يقطعون أميالا مشياً على الأقدام للوصول إلى " عريش " بسيط يفتقر لأبسط مستلزمات المدرسة ليتعلموا القراءة والكتابة ، كيف أن هنالك الملايين من الآباء والأمهات يعملون بكد وجد ليل نهار في أبسط الأعمال والمهن وأدناها وهم يتضورون جوعا في سبيل توفير مصاريف دراسة أبنائهم المهددين بالطرد من المدرسة بمجرد الانقطاع عن دفع تلك الرسوم ، يجب أن يحس الطالب بأهمية المدرسة .. بقيمتها .. يجب أن يقتنع بأن أهميتها لا تقل أبداً عن بيته الذي يسكنه ولا عن مسجده الذي يصلي فيه ولا عن ألعابه التي يضعها بجانب سريره عندما ينام ، عندما يتحقق ذلك فأعلموا بأن العملية التعليمية في عمان في طريقها للتشافي والتطور ، وهو مايعني بكل تأكيد تحسن مستوى أبنائنا والمخرجات مامن شأنه رفع مستوى التعليم العالي في عمان وتحسين جودة المخرجات بالوطن ، وتأكدوا أنه بدون تحقيق ذلك فليس بامكان أحسن وأفضل المناهج بالعالم ولا أفضل الأنظمة تحقيق تطوير حقيقي في العملية التعليمية ، بل سنظل ندور في حلقة مفرغة من اللوم وتبادل الاتهامات ! فالتعليم لا يكون ولا تقوم له قائمة دون تربية .. بل أن التربية تسبق التعليم ، فهي تربية وتعليم .

عزيزي المعلم / المعلمة ، تحية إجلال وإكبار لك دائماً وأبداً ، فأنت صانع الأجيال ، بين يديك نضع مستقبل أبنائنا ، مستقبل الوطن ، ونحن نعي جيداً بأنك على قدر كبير من المسؤولية ، فرغم زحمة الأعمال والحصص المدرسية اليومية ، وكبر المناهج ، وكثرة التصحيح ، وقيامك بأعمال اضافية ليست من اختصاصك كالمناوبات اليومية ، والمساهمة في تنظيف المدرسة ونقل الطاولات والكراسي وتحضير الفصول وتجهيزها حرصا منك على أن يأتي أبنائنا إلى المدرسة والمكان بجاهزية كاملة لاستقبالهم بكل حب ، ومع ذلك كله تستمر في عطائك بلا كلل أو ملل ، مؤمنٌ بأنك تقوم بواجبات وطنية قبل أعمالك الوظيفية ، أنت ياسيدي / سيدتي في أسمى الأعمال وأرقاها ، لولاك من بعد الله سبحانه وتعالى والوالدين لما كان أيا منا على ماهو عليه اليوم ، وبجدك واجتهادك وتفانيك .. سترقى عمان للأفضل باذن الله ، كل عام وأنت قمرٌ يضيء هذا الكون علماً ونوراً .

سعود الفارسي
طالبٌ سابق .. ولا يزال
28/8/2019م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق